الشافعية والحنابلة وكثير من العلماء، والذين قالوا بوقوع الطلاق مطلقًا عم المطلق أو خص هم الحنيفة، والذين فسروا القول في ذلك فرقوا بين التخصيص والتعميم هم المالكية، فأي هذه الأقوال الذي له حظ من هذه الشريعة أكثر؟
لا شك في نظري أنَّ أظهر الأقوال وأقومها هو رأي جمهور العلماء الشافعية والحنابلة ومن معهم، لأن هذا هو أظهر هذه الأقوال، وهو أولاها؛ لأنه أقرب إلى روح هذه الشريعة، وهو الذي يتفق مع الأسس التي قامت عليها الشريعة.
[سماحة الشريعة الإسلامية]
اللّه - سبحانه وتعالى - عندما وضع الشريعة رفع عنا الحرج، قال تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج: ٧٨]، وقال تعالى:{مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ}[المائدة: ٦]، فكلما ذكر اللّه - سبحانه وتعالى - حكمًا من الأحكام يذكر التيسير، فعندما ذكر اللّه الصيام وما يتعلق به، قال سبحانه:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة: ١٨٥]، فعندما أمرنا بالصيام من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ما أراد اللّه - سبحانه وتعالى - أن يشق علينا، ولكن اللّه - سبحانه وتعالى - يريد أن يختبرنا في هذه الدنيا، ليتبين المطيع من العاصى، ومن الملتزم بحدود اللّه ومن الخارج عنها، ولذا قال بعد ذلك:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة: ١٨٥].
واللّه - سبحانه وتعالى - عندما تكلم في سورة المائدة عن أحكام الطهارة، قال عز وجل:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا} قال في آخر الآية: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ}[المائدة: ٦].
وقال - سبحانه وتعالى - في سورة الحج:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ}[الحج: ٧٨].