وبعدما أتمَّ اللهُ سبحانهُ وتعالى عليه النِّعمةَ، قرَّر الشيخ أن يكون الكتاب الذي يليه هو كتاب:"تقرير القواعد وتحرير الفوائد" لابن رجب الحنبلي، هذا الكتاب الذي كان يقول عنه:"هو أُعجوبة"، وكان دائمًا يُعلي بكاتبه، ويردِّد قواعده، بلْهَ كان يحفظه.
وقدِ استبشر الطلَّابُ بهذا الدرس الممتع الذي بلغ فيه إلى القاعدة الثالثة والعشرين، وكان قد عقد مجلسين أيضًا في كتاب "سنن أبي داود" حتى: "يجمع الطالب بين المسائل الفقهية وأدلتها؛ لأن أبا داود اعتنى بجمع أحاديث الأحكام، فيجمع الطالب بين المسألة وأصلها"، كما كان يقول رحمهُ اللهُ (١).
ثناءُ العلماء والطلبة عليه:
عرفنا فيما مضى ثناء الشيخين محمد الأمين الشنقيطي، ومحمد ناصر الدين الألباني، وقد كان شيخه الشيخ عبد المحسن العبَّاد يثني عليه، ويحضّ طلاب العلم على الحضور لدروسه.
وقد أثنى الشيخُ ابن باز على قوَّته في العربية، فقد حكى الشيخ مرَّة فقال:"كنت أدرِّس الطلاب، فإذا بالشيخ ابن باز يستأذن في الدخول والجلوس للاستماع، قال: فتأهَّبْت ورحبت به، وأكملت درسي والشيخ يستمع ولا يتكلم، حتى إذا انقضت ساعة الدرس ذهبت إليه. وقلت: هل من ملاحظات يا شيخنا، فأجاب الشيخ: لا، ولكن مستواك في النحو قوي، فحاول أن تسهل على الطلاب أكثر، وشكر سعيي ثم انصرف رحمه الله تعالى".
وهكذا كان الشيخُ ابن باز -رحمه الله تعالى- يتفقَّد رعيته حتى قال الشيخ الوائلي:"كانت مجالس الشيخ ابن باز كلها مذاكرة، وما أذكر أني جلست معه إلَّا ومجالسه فيها الذكر"، بهذا الجيل الفريد تأثَّر الشيخ
(١) مقال: حتى لا ننسى الشيخ الفقيه محمّد بن حمود الوائلي، مصدر سابق.