للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ: وَهِيَ النَّظَرُ فِي أَحْكَامِ الطَّوَارِئِ

الفَصْلُ الأَوَّل مِنْهُ، وَهُوَ: النَّظَرُ فِي الفُسُوخِ)

النظر في الفسوخ؛ فقد يطرأ على الإجارة التي تمت واستقرَّت أمرٌ من الأمور فيؤثر عليها؛ كأن تكون دابة فتموت، أو عبدًا فيموت، أو جملًا فيشرد، أو أرضًا فتُغمَر بالماء فبُتعذَّر الاستفادة منها، أو ينقطع عنها الماء أصلًا، أو دارًا تتهدم، إلى غير ذلك من الأمور الكثيرة في هذا المقام.

قوله: (فَنَقُولُ: إِنَّ الفُقَهاءَ اخْتَلَفُوا فِي عَقْدِ الإِجَارَةِ؛ فَذَهَبَ الجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ) (١).

وهذا مذهب الأئمة الأربعة.

ومعنى كونه لازمًا: أنَّه من العقود اللازمة الواجبة، فإذا ما تمَّ عقدٌ بين مستأجر ومؤجِّر يكون مُلزمًا لكلٍّ من الطرفين، فلا يجوز للمستأجر أن يُطالب بفسخ العقد بدعوى أنه لم يستفد من العين المؤجَّرة - مثلًا -، وهذا بخلاف الجعالة، ومن هنا تخالف الجعالة الإجارة؛ فالجعالة نوع من الإجارة، لكنَّها عقد غيرُ لازم؛ كأن يقول إنسان: من يردُّ لي ضالَّتي فله كذا، أو من يبني لي هذا الجدار فله كذا، فهذا عقد جائزٌ لكُلٍّ منهما أن يَعدِل عنه.

قوله: (وَحُكِيَ عَنْ قَوْمٍ أَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ تَشْبِيهًا بِالجُعْلِ


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٥/ ٣٣٢ - ٣٣٣)، حيث قال: "والإجارة عقد لازم من الطرفين، ليس لواحد منهما فسخها، وبهذا قال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي".

<<  <  ج: ص:  >  >>