للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن مَن أراد الاستثناءَ من قاعدةٍ صحيحةٍ أنَّ عليه أن يأتِي بدليلٍ صحيحِ يفيد هذا الاستثناءَ ويخصصه تلك القاعدة أو يقيِّدها، وبما أنَّ هذا الدليلَ معدومٌ غير قائمٍ، فإن القاعدةَ إذن تبقى على أصل ثبوتها بحيث تُقَيَّدُ ولا يُستَثنَى منها شيءٌ.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

(الفَصْلُ الخَامِسُ فِي حُكْمِ مَا افْتَتَحَ المُسْلِمُونَ مِنَ الأَرْضِ عَنْوَةً)

وهذه المسألة من المسائل بالغة الأهمية، وهي تنقسم إلى قِسمَين دار الخلاف حولهما، ذَكَرَ المؤلِّفُ منهما قِسمًا واحدًا، لأن هذا القِسم هو مناط الخلاف بين أهل العلم، وهو الذي وقع الخلاف فيه في زمن الصحابة - رضي الله عنهم -.

وهذا الخلاف لم يَدُمْ طويلًا، بل سُرعان ما زال وتلاشَى (١)، وسارَ بعدها الخلفاء والأئمة العلماء على هذا النهج الذي حَسَمَهُ (٢) الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.

وهذا القول الذي حُسِمَ به الخلاف في هذه المسألة لم يكن قولًا انفرد به عمر - رضي الله عنه -، ولكنه كان فَهْمًا فَهِمَهُ عمر - رضي الله عنه -، من كتاب الله سبحانه وتعالى، ولذلك رَكَّزَ المؤلِّفُ في عَرضِهِ للمسألة على هذا القول دون القول الآخر، بينما نحن سنتناول القسمَين بشيءٍ من التفصيل - إن شاء الله - في عَرْضِنا للمسألة.

فإن الأرض التي يفتَحُها المسلمون إنما تكون على نوعين، هما:


(١) "تلاشى الشيء": اضمحل. انظر: "تاج العروس" للزبيدي (٣٩/ ٤٥٤).
(٢) حسمه حسمًا بمعنى: قطعه فانقطع. انظر: "المصباح المنير" للفيومي (١/ ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>