للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

قال المصنف رحمه الله تعالى:

(كِتَابُ بَيْعِ الخِيَارِ)

والخِيارُ أنواعٌ كثيرةٌ، وليس نوعًا واحدًا، وقد مرَّ بنا خيارُ المجلس (١)، ورأينا أنَّ العلماء قد أختلفوا فيه، فأكثر الفقهاء يقرُّون بخيار المجلس، ويرون بأنه ثابت، وأنه قد جاءت به سُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا هو قول جمعٍ من الصحابة والتابعين، وهو قول الإمامين الشافعي وأحمد، ورأينا أن المالكية والحنفية يخالفون فيه، ووجهتهم في ذلك هو تأويلهم للأحاديث التي وردت في هذا الأمر، منها الحديث المتفق عليه: "البَيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا"، حيث فسر الحنفية والمالكية التفرق بالأقوال، وجمهور العلماء ذهبوا إلى أن المراد بالتفرق إنما هو التفرق بالأبدان، وقد تكلمنا عن ذلك، وفصلنا القول فيه، وبيَّنَّا أن الراجح هو قول جمهور العلماء الذين قالوا بثبوت خيار المجلس، وأن التفرُّق إنما هو التفرق بالأبدان، ولقد فَعَل ذلك عبد الله بن عمر - رضي الله عنها - عندما كان يطبق ذلك عمليًّا.

إذن، مر بنا خيار المجلس، كذلك مرت الإشارة إلى ما يُعْرف بخيار الغبن (٢)، عندما تكلمنا عن مسائل النهي، ومنها: أن يبيع المسلم على بيع


(١) "خيار المجلس": هو خيار كل واحد من المتبايعين بالرد في مجلس العقد قبل التفرق. يُنظر: "النهاية" لابن الأثير (٢/ ٩٢).
(٢) "الغبن": مصدر غبن الرجل فِي البيع غبنًا وغبنًا، يقال: غبنته في البيع بالفتح، أي: خدعته. يُنظر: "الصحاح" للجوهري (٦/ ٢١٧٢)، وقد تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>