هذا الرأي الثاني عند المالكية، لكن هل نعتبر هذا التعليل سببًا للجمع.
* فائدة:
الجمع - كما هو معلوم - من أحسن ما يسلكه المرجح؛ لأنه أسهل وأولى طريق؛ لأنك لو جمعت بين الأدلة، فقد عملت بها جميعًا، لكن عندما ترجح بعضها على بعض، فمعنى ذلك أنك أعملت بعضها وتركت البعض الآخر.
ويكون الجمع عندما تتساوى الأدلة في الصِّحة، وإن اختلفت حقيقة درجاتها، وإن كان أحيانًا ارتفاع درجة بعض الأحاديث يكون سببًا من أسباب الترجيح.
أما التوازن الجمع بين حديثين أحدهما صحيح والآخر ضعيف؛ فهذا غير وارد.
إذًا، لا بد من البحث عن مرجح آخر أو أدلة أخرى، ثم يُنظر فيها.
إذًا، الحنفية لهم فهم لبعض الأدلة في كلمة "مؤداة"، حيث فهموها أنها كالوديعة، ولكن الوديعة لا تضمن، واستدلوا بقول الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}.
فهل هذا المفهوم الذي سلكه الحنفية، وحاولوا أن يرجحوا به ما ذهبوا إليه يكون مقومًا لهم؟ أو أن دليل الجمهور صحيح الدلالة على المدعي؟
لا يجوز للمؤلف أن يقوله:(غير مشهور)، فالحديث قد يكون مشهورًا وهو ضعيف، وما أكثر الأحاديث المشهورة وهي ضعيفة، لكن كان ينبغي أن يقوله:(غير صحيح)؛ لأن الحديث سواء ما رواه