للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيد بالمشهور، وغير المشهور هو الصحيح الواقع.

قوله: (وَإِنْ كلانَتْ مَسْأَلَةً فِيهَا خِلَافٌ):

[فائدة]

بعض الأئمة المتأخرين كشيخ الإسلام ابن تيمية، وهو إمامٌ اجتهدَ في مسائل، وخالف في بعضها الأئمة، ومخالفته للأئمة لم تكن عن هوًى ورَغْبةٍ في المخالفة، بل لأنه وجد من الأدلة ما يسير معها.

أما مَنْ خالف عن هوًى، فلا يُسمَّى عالمًا؛ لأنه يردُّ قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويأخذ بالرأي، لكن قَدْ يأخذ بالرأي لضعف الأحاديث والأدلة؛ وهذا شأنٌ آخر بشرط أن يكون من أهل هذا الفن والمعرفة به، أما أنْ يكون من أهل الجهل بمعرفة الجرح والتعديل، والحكم على الأحاديث، ثم يضعف الأدلة، فهذا ليس بعالم، بل صاحب هوى.

وهناك فئةٌ من الناس تتطاول على أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وربما ردوها؛ لأنها لا تتفق مع بعض أهوائهم، أو لأن فكرهم يختلف عنها، أو لأن ما ورد في الأحاديث أمور مستقذرة؛ فهذا في الحقيقة جهل منهم.

قال الإمام الشافعي رَحِمه الله: "أَجْمَعت الأمة على أن من استبانت له سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ليس له أن يدعها لقول أحدٍ" (١).


= وهذا القول وَإنْ كنَّا لا نقول به، فقَدْ قاله أبو سليمان، وأردنا تحرير النقل عنه.
والثالث وهو الحق عند المتأخرين: أنَّ الثالث إنْ لزم منه رفع ما أجمعوا عليه لم يجز إحداثه، وإلا جاز، وكلام الشافعي في "الرسالة" يقتضيه".
(١) هدْا الأثر مشهور ومستفيض عن الشافعي، ففي كتاب جماع العلم الذي في آخر كتاب "الأم" للشافعي (٧/ ٢٨٧) قال: "لم أسمع أحدًا نسبه الناس أو نسب نفسه إلى علم يخالف في أنَّ فرض الله عزَّ وجلَّ اتباع أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والتسليم لحكمه بأنً الله عزَّ وجلَّ لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه، وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأنَّ ما سواهما تبع لهما".
وقال في "الرسالة" (١/ ٣٢٨): "وإذا ثبت عن رسول الله الشيء، فهو اللازم لجميع مَنْ عرفه، لا يقويه ولا يوهنه شيء غيره، بل الفرض الذي على الناس اتباعه، ولم يجعل الله لأحدٍ معه أمرًا يخالف أمره".

<<  <  ج: ص:  >  >>