من نفسه ارتياحًا إلى الحكمة، فطلبها، واشتغل بها، ولزم ابنَ العربي وغيرَه، ولم يزل مُجِدًّا في الاشتغال بها حتى صار ابنَ بَجْدَتها، وأبا عذرَتِها.
تفقَّه على الحافظ أَبِي مُحَمَّد بْن رزق.
وأخذ عن أبي مروان بن مسرة، وأبي القاسم ابن بشكوال، وأبي بكر ابن سمحون وأبي جعفر بن عبد العزيز وأبي عبد الله المازري.
وأخذ علم الطِّب وبرع فيه عن أبي مروان بن جزيول البلنسي، وكان يفزع إلى فتياه فيه، كما يفزع إلى فتياه في الفقه، وألَّف كتاب الكلِّيَّات في الطِّبِّ أجاد فيه، وكان بينه وبين أبي مروان مودةٌ.
ودرس الفقه حتى برع فيه، وأقبل على علم الكلام، والفلسفة، وعلوم الأوائل، حتى صار يُضرَب به المثل فيها. ولم يأتِ في الإسلام من بعده مَنْ يضاهيه في الفلسفة كما قيل.
وكان كثيرَ الدرس والمطالعة، لا يشغلُه عن البحث والنظر شاغل، وتشهد بذلك كثرةُ مؤلَّفاته.
وقال ابن أَبِي أُصَيْبَعَة:"هُوَ أوحد أهل زمانه في علم الفقه والخلاف".
ولم ينشأ بالأندلس مثله كمالًا وعلمًا وفضلًا، وكان على شرفه أشدّ الناس تواضعًا وأخفضهم جناحًا، وعُنِيَ بالعلم من صِغَره إلى كبره، حتى حُكِي: إنه ما ترك الاشتغال مذ عَقِل سوى ليلتين: ليلة موت أبيه، وليلة عرسه، وإنه سوَّد فيما ألَّف وقيَّد نحوًا من عشرة آلاف ورقة، ومال إلى علوم الحكماء؛ فكانت له فيها الإمامة، مع الحظ الوافر من الإعراب والآداب والحكمة، وحُكِي عنه: أنه كان يحفظ (ديوان أبي تمام)، و (المتنبي).
[مؤلفاته وتصانيفه]
له من التصانيف الكثير؛ فمن تصانيفه ما ذكره ابن أَبِي أُصَيْبَعَة: