للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُدَّ هذا الاعتراض: من العلماء مَنْ يوجبه، ومنهم الحنابلة في روايةٍ لهم، ويَسْتدلُّون بحَدِيثٍ آخَر بالنسبة للمضمضة - والمُؤلِّف رَحِمَهُ اللهُ لم يعرض له - وهو حديث صحيح في " سنن أبي داود ": " إذا توضَّأت فمَضْمِضْ " (١)، قالوا: وهذا أمرٌ، والأمر يقتضي الوجوب، وهذا حديث صحيح ينبغي التسليم له، والأخذ به.

ويَسْتدلُّون بحديث عائشة - رضي الله عنها - أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قال: " المَضْمَضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا بد منه " (٢).

وفي حديث أبي هريرة: " تمضمضوا واستنشقوا " (٣)، وهذا أيضًا أمرٌ، والأمرُ يَقْتضي الوجوب.

ويستدلُّون بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا " (٤)، قالوا: هذا أمرٌ، وأمرٌ بالمبالغة، فإذا كانت المبالغة قد أُمِرَ بها، والعلماء مجمعون على أنها غير واجبةٍ، فما بالك بالاستنشاق؟!

وسننبه على قضية المبالغة إن شاء الله، وسنربطها بقاعدة فقهية.

* فائدة: للإمام أحمد ثلاث روايات في هذه المسألة:

* رواية مع الجمهور: أن المضمضة والاستنشاق سُنَّتان، وهذه ليست مشهورةً.

* رواية قوية، أو إحْدَى الروايتين المشهورتين أو المعروفتين أنهما واجبتان.


(١) أخرجه أبو داود (١٤٤)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(٢) أخرجه البيهقي في " الكبرى " (٢٣٩)، قال ابن عبد الهادي في: " تنقيح التحقيق " (١/ ١٨٥): " فِي هذا الحديث مقالٌ؛ لأَنَّه تفرد به سليمان عن الزُّهري، وتفرَّد به عصام عن ابن المبارك ".
(٣) أخرجه الدارقطني (٣٣٤)، وصحَّحه الأَلْبَانيُّ في " صحيح الجامع " (٢٩٩٩).
(٤) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>