للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هناك تشهُّدان في الصلاة: التشهد الأول والتشهد الأخير، وكل منهما يقتضي جلوسًا، وقد اختلف أهل العلم في حكم هذا الجلوس على أقوال:

أولًا: التشهد الأول والجلوس له: وفي حكمه قولان:

الأول: يرى جمهور العلماء أن التشهد الأول والجلوس له ليسا بواجبين (١)، بمعنى أن الإنسان لو تركهما عامدًا أو ساهيًا لا يؤثر ذلك على صلاته، وإن حصل له ذلك فإنه يجبره بسجود السهو، واستدلوا على قولهم بأدلة:

- حديث الرجل المسيء صلاته (٢)؛ فالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قد عَلَّمَه؛ إذ كان


(١) هو قول المالكية والشافعية ورواية عن الحنابلة.
انظر في مذهب المالكية: "شرح التلقين"، للمازري (١/ ٥٤٢)، وفيه قال: "ودليلنا على سقوط الوجوب في التشهد الأول والجلوس له: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قام من اثنتين ولم يرجع إلى الجلوس والتشهد. ولو وجبا أو أحدهما لرجع إليه.
فإن قيل: فلعله إنما لم يرجع إليه لأنه لم يذكره.
فقيل: قد ذكر الترمذي أنهم سبحوا به. وهذا يقتضي أنه علم بسهوه لما سبحوا له. وإذا ثبت علمه به ولم يرجع إليه دل على سقوط وجوبه".
وهذا هو مشهور مذهب المالكية كما سبق.
وانظر في مذهب الشافعية: "الإقناع"، للشربيني (١/ ١٤١)، وفيه قال: " (و) سننها -أي: الصلاة- مطلقًا (بعد الدخول فيها) أبعاض وهيئات؛ فأبعاضها ثمانية المذكور منها هنا (شيئان) الأول: (التشهد الأول) كله أو بعضه (و) الثاني القنوت".
وفي سنية الجلوس له. انظر: "البيان"، للعمراني (٢/ ٢٦٠)، وفيه قال: "المسنونات في الصلاة -وقد يسميها بعض أصحابنا: الأبعاض- وهي التي تجبر بالسجود: فهي أربعة: الجلوس الأول، والتشهد فيه. . . ". وانظر: "فتح الوهاب"، لزكريا الأنصاري (١/ ٦٢).
وفي مذهب الحنابلة، انظر: "الكافي"، لابن قدامة (١/ ٢٦٢)، وفيه قال: "وواجباتها المختلف فيها: تسعة: التكبير سوى تكبيرة الإحرام. . . والتشهد الأول، والجلوس له. . . وقد ذكرنا في وجوب جميعها روايتين".
والمشهور هو وجوبهما كما سيأتي.
(٢) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>