وقد لا تلتحم المعارك، ولكن تحصل شدة الخوف عندما يُطوقهم الأعداء من كل جانب؛ فتُشرع لهم الصلاة.
وهذا مما يدل على وجوب صلاة الجماعة، وقد عرفنا أن كثيرًا من العلماء بأنها سنة، والحق أن صلاة الجماعة واجبة؛ ولو لم تكن صلاة الجماعة واجبة لكان أحق الناس أن يُخفف عنهم هؤلاء الذين يَرَون عَدُوَّهم رأي العين، يتربص بهم الدوائر، ويتحين أيَّ فرصة لينقض عليهم، ومع ذلك لم يُرخص اللَّه -سبحانه وتعالى- للمؤمنين في ترك الجماعة، وإنما ذلك لأهمية صلاة الجماعة.
[موعظة وتذكير بالاعتناء بالصلاة]
وبهذا نتبين أهمية الصلاة ومكانتها في الإسلام، وأنها أول ما يُحاسب عليه العبد من أعماله، فالإنسان فإذا وحَّد اللَّه -سبحانه وتعالى- فهو مطالب بأركان، ولذلك عندما جاء الأعرابيُّ إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يسأله عما فرض اللَّه عليه - ذكر له أركان الإسلام؛ فعن طلحة بن عبيد اللَّه، قال: جاء رجل إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من أهل نجد ثائر الرأس، نسمع دويَّ صوته، ولا نفقه ما يقول، حتى دنا من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خمس صلوات في اليوم، والليلة". فقال: هل عليَّ غيرهن؟ قال:"لا، إلا أن تطوع، وصيام شهر رمضان"، فقال: هل عليَّ غيره؟ فقال:"لا، إلا أن تطوع"، وذكر له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الزكاة، فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال:"لا، إلا أن تطوع"، قال: فأدبر الرجل، وهو يقول: واللَّه، لا أزيد على هذا، ولا أنقص منه، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أفلح إن صدق"(١).
وقد قال تعالى عن الصلاة: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (٤٥) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: ٤٥، ٤٦].