للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند الحنابلة (١) يجوز أن يكونَ في المصر أكثر من قاضيين عند الحاجة.

ولا شك أننا في هذا الزمان نحتاج إلى عددٍ من القضاة في المحكمة الواحدة؛ لكثرة الناس، وتعدد المشكلات والخصومات والمنازعات، ولذلك نجد الآن القضاة ومجلس القضاء الأعلى، والقصد من ذلك التثبت في إصدار الأحكام حتى لا يكون خلل أو تقصير؛ لأن الإنسان بطبيعته يحصل منه الخلل والتقصير.

[مسألة: كيف يتم اختيار القاضي؟]

وهَذِهِ من المسَائل التي لم يذكرها المؤلف، واختيار القاضي يرجع إلى الإمام إن كان على معرفةٍ بالعلماء، وبمَنْ يصلح للقضاء، أما إذا لم يكن على معرفةٍ بذلك، فيَسْتشير العلماء الموثوق بهم.

وفرق بين إنسان يطلب القضاء، وبين إنسان يُلزم به، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الرحمن بن سمرة: " لا تطلب الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة أوكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها " (٢)، وكذلك جاء نحوه عن أبي ذر، وفي الحديث: " ما ذئبان جائعان ضاريان أرسلا في غنمٍ أفسد لها من حب المرء للمال والشرف لدينه " (٣)، وضاريان، أي: في حال جوعٍ شديدٍ، فكيف إذا أُرْسلَا في غنم؟، فهذا مَثلٌ يُبيِّن النبي - صلى الله عليه وسلم - به خطورة حب المرء للمال والشرف لدينه؛ أما المال فإن التعلُّق به ربما شغل الإنسان عن الاشتغال بالطاعة، لكن إذا أخلص الإنسان في جمع المال، وأراد أن يُنْفقه في سبيل الله، وفي طاعته والتقرب إليه، فإنَّ الله تعالى يثيبه على ذلك.


(١) تقدم.
(٢) أخرجه البخاري (٦٦٢٢)، ومسلم (١٦٥٢).
(٣) أخرجه الترمذي (٢٣٧٦)، وصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في " صحيح الترغيب والترهيب " (١٧١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>