فمنها حسابيَّة؛ لأن هناك مسائل في الوصايا تشتبه مع الفرائض التي ستأتي بعد هذا الكتاب، ولا شك أنه إذا مات، ترتب على موته البدء بتجهيزه، ومؤنة هذا التجهيز إنما تُؤْخذ من ماله، ثم بعد ذلك تُسَدَّد عنه الدُّيون، والدَّينُ ينقسمُ إلى قسمين، وهذا سنأخذه تفصيلًا في كتاب الفرائض، ثم تأتي الوصية بعد ذلك، وهذا يدل على أهمية الوصية، ثم بعد ذلك ينتقل إلى الإرث.
وَالوصية بالثُّلُث ليس فيها إشكالٌ، وإنما الإشكال في تحديده الثلثَ لرجلِ معينٍ، وهذا محلُّ خِلَافٍ بين المالكية والجمهور، بَلْ إن الجمهور أنكروَا على الإمام مالكٍ فيها.
لأنه عندما حدد قالوا: إنَّ هذا المحدد مالًا أو عقارًا يزيد على الثلث، والرَّسول -صلى الله عليه وسلم- قال:"الثلث والثلث كثير"، ثم ذكر العلة عليه
(١) يُنظر: "البيان " للعمراني (٨/ ١٧١، ١٧٢) قال: وإنْ كانت الوصية لمعين، كالوصية لرجل مسمى أو لقوم محصورين .. فلا بد من القبول من الموصى له، هل القبول شرط في الملك؟ فيه وجهان .. والثاني: قال ابن الصباغ: ينبغي أن يقال: إن القبول في الوصية ليس بشرط في صحة الملك، وإنما يتبين به اختياره للملك حال الموت، فتبين حصول الملك باختياره، ولا يصح القبول إلا بعد موت الموصى؛ لأن إيجاب الوصية بعد الموت، فكان القبول بعده.