للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذين قالوا بأن للمرأة أن تُظاهِرَ من زوجها إنما كان أقوى دليلٍ لديهم هي قصة عائشة بنت طلحة التي أوردناها، والتي استفتت فيها الصحابة، فأفتوها بأن تكفر كفارة الظهار.

وكونها تكفر كفارة الظهار لا يعني بالضرورة أن يُعتبَر قولُها ظهارًا؛ ولذا فإن الإمام أحمد (١) قد تعددت أقواله في هذه المسألة، هذا على الرغم من سعَة اطِّلاعه ورسوخ علمه بالآثار والروايات، فقال مرةً بأن قولها لا ينبني عليه شيءٌ بناءً على الأصل، وقال مرةً ثانيةً بأن عليها أن تكفِّر كفارة الظهار لِمَا رآه من التقارب بين الظهار واليمين.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

(الفَصْلُ الرَّابِعُ فِيمَا يَحْرُمُ عَلَى المُظَاهِرِ

وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ المُظَاهِرَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الوَطْءُ (٢)).

فالمسألة فيها اتِّفاقٌ على عدم جواز وطء المُظاهِرِ لامرأته إلا بعد أداء الكفارة؛ لأن هذا ثابتٌ بِنَصِّ القرآن العزيز في قوله سبحانهُ وتعالى: { … ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٣) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [المجادلة: ٣، ٤].


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٨/ ٤٢)، حيث قال: "والرواية الثانية: ليس عليها كفارة". وانظر: "الروايتين والوجهين"، لأبي يعلى الفراء (٢/ ١٩٢).
(٢) يُنظر: "مراتب الإجماع" لابن حزم (ص ١٣١)، حيث قال: "واتفقوا أن وطء الحائض من الزوجات وملك اليمين والمحرمة والصائم والصائمة والمعتكف والمظاهر الذي ظاهر منها حرام".

<<  <  ج: ص:  >  >>