للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فراق الزوج امرأته عن المعنى الحسّي الموجود في خَلع الثياب والنعال ونحوها، كما قال أهل العلم (١).

[دليل مشروعيته من القرآن والحكمة منه]

لا شكَّ أن الإسلام حريصٌ على بقاء الزواج، وعلى دوام المودة والرحمة بين الزوجين، لما فيه من استقامة المجتمع بإقامة الأسرة الكريمة الرشيدة وإعداد الرجال الصالحين والنساء الصالحات في المجتمع، وإذا دبَّ الخلاف والنزاع بين الزوجين فلا ينبغي للزوج أن يتعجَّل وأن يبادرَ إلى الطلاق، وإنما بَيَّنَ الله تعالى الطريق السَّوِيَّ الذي ينبغي العمل به حينئذٍ في قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: ٣٥].

فالمبدأ العام في ذلك هو قوله تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: ١٢٨]، فإن لم يكن للصلح من سبيلٍ فكما قال تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء: ١٣٠]، وكذلك قوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩].

ولا شَكَّ أنه لا يجوز لمؤمنةٍ تخاف الله سبحانه وتعالى أن تطلب من زوجها أدن يخالعها دون سببٍ، وإنما يجوز لها هذا إن كان هناك عيبٌ في خِلقةٍ أو في خُلقٍ، لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "أيّما امرأة سألَت زَوْجَها طلاقها من غير ما بأسٍ فحرامٌ عليها رائحة الجنة" (٢)، ولفظ: (أيّما) من صِيَغِ العموم (٣)، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -:"المختلعات والمنتزعات هن


(١) قال ابن مودود في "الاختيار لتعليل المختار" (٣/ ١٥٦): "إزالة الزوجية بما تعطيه من المال، وهو في إزالة الزوجية بضم الخاء، وإزالة غيرها بفتحها، كما اختص إزالة قيد النكاح بالطلاق وفي غيره بالإطلاق".
(٢) أخرجه أبو داود (٢٢٢٦) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٠٣٥).
(٣) يُنظر: "البحر المحيط"، للزركشي (٤/ ١٠٥)، وفيه قال: "وقد ذكرها في صيغ العموم الأستاذ أبو منصور البغدادي، والشيخ أبو إسحاق وإمام الحرمين في باب التأويلات من "البرهان" في قوله: "أيما امرأة أنكحت نفسها"، وابن الصباغ وسليم الرازي =

<<  <  ج: ص:  >  >>