للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ استدلُّوا على منع المكث بحديث عليِّ بن أبي طالبٍ أن الرسول -عليه الصلاة والسلام -عندما جاء- وَوَجد البُيُوت قد شرعت يعني: فتحت أبوابها، ووجهت إلى المسجد، قال: "لا أحلُّ المسجد لجنبٍ، ولا حائضٍ" (١)، لكن هذا الحديث ضعَّفه العلماء، وتكلموا فيه.

ثانيًا: أدلة الحنفية والثوري وإسحاق:

وهُمُ القائلون بعدم جوَاز المرور إلا لأمرٍ لا بد منه، فَقَد استدلوا بأَدلَّةٍ، منها:

*الآية التي استدلَّ بها الجمهور، ولكنهم تأوَّلوها وفسَّروها تفسيرًا آخر، وقالوا: إنَّ قول الله سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: {وَلَاْ جُنُبًا إلا عَابِرِى سَبِيلٍ} [النساء: ٤٣]، المراد بعابر السبيل هو المسافر، إذًا الآية أرادت المسافر الذي انقطع عنه الماء، فلم يجده، وحينئذٍ يتيمم، ويدخل المسجد ويصلي، فَهَذا هو المراد، ولذلك قالوا: لا يجوز إلا لما لا بد منه.

ثالثًا: أدلة دواد والمزني وابن المنذر:

وهم الذين أجازوا المكث في المسجد، والمرور فيه مطلقًا، فقد استدلوا بهذه الأدلة:

* حديث الرسول -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: "إنَّ المؤمنَ لَا يَنْجس" (٢)، وفي روايةٍ: "إن المسلم لا ينجس" (٣)، وإذا كان المسلم لا ينجس، فلماذا يُمْنع من الجلوس في المسجد أو المرور فيه؟.

* ما ثبت أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- حَبَس بَعْض


(١) أَخْرَجه أبو داود (٢٣٢)، وفي سنده جَسْرة بنت دجاجة. قال البخاري: "عندها عجائب"، وقد ضعف الحديث جماعة، منهم البيهقي وابن حزم وعبد الحق الإشبيلي، بل قال ابن حزم: إنه باطلٌ. انظر: "إرواء الغليل" للأَلْبَانيِّ (١٢٤).
(٢) أخرجه البخاري (٢٨٥)، ومسلم (٣٧١).
(٣) أخرجه البخاري (٢٨٣)، ومسلم (٣٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>