للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْقَوْلُ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى وَحُكْمُ الْحَالِقِ رَأْسَهُ قَبْلَ مَحَلِّ الْحَلْقِ]

قال المصنف رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: (وَأَمَّا فِدْيَةُ الْأَذَى فَمُجْمَعٌ أَيْضًا عَلَيْهَا (١))، لِوُرُودِ الْكِتَابِ بِذَلِكَ وَالسُّنَّةِ، أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ -تَعَالَى-: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦]. وَأَمَّا السُّنَّةُ فَحَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الثَّابِتُ "أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُحْرِمًا، فَآذَاهُ الْقَمْلُ فِي رَأْسِهِ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ، وَقَالَ: "صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّام، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ لِكُلِّ إِنْسَانٍ، أَوِ انْسُكْ بِشَاةٍ، أَيَّ ذَلِكَ فَعَلَتَ أَجْزَأَ عَنْكَ") (٢).

أهل العلم لم يختلفوا في المُحرم بالحج والعمرة، مِمَّنْ لم يحصر أنَّه إذا أصابه أذى في رأسه، أو أصابهُ مَرَضٌ أنَّه يحلقَ، وأنَّ عليه الفدية.

* قوله: (وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى مَنْ تَجِبُ الْفِدْيَةُ، وَعَلَى مَنْ لَا تَجِبُ. وَإِذَا وَجَبَتْ فَمَا هِيَ الْفِدْيَةُ الْوَاجِبَةُ؟ وَفِي أَيِّ شَيْءٍ تجِبُ الْفِدْيَةُ؟ وَلِمَنْ تَجِبُ، وَمَتَى تَجِبُ، وَأَيْنَ تَجِبُ؟ فَأَمَّا عَلَى مَنْ تَجِبُ الْفِدْيَةُ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مَنْ أَمَاطَ الأَذَى مِنْ


(١) يُنظر: "شرح صحيح البخاري" لابن بطال (٤/ ٣٧١)؛ حيث قال: "لم يختلف أهل العلم في المحرم بالحج والعمرة مِمَّنْ لم يحصر أنه إذا أصابه أذى في رأسه، أو أصابهُ مرض أنه يحلقَ وأن عليه الفدية المذكورة في الآية التى تليها، وأن القصد بها إلى المحصرين لا يمنع أن يدخل فيها من سواهم من المحرمين غير المحصرين".
(٢) أخرجه مالك (١/ ٤١٧)، وأحمد (١٨١٠٦)، وقال الأرناؤوط: "إسناده صحيح على شرط الشيخين".

<<  <  ج: ص:  >  >>