للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كِتَاب التَّفْلِيسِ] (١)

هذا التفليس أو الحجر الذي يحصل فيه إنَّما هو لمصلحة غير هذا الشخص، كما تَحدَّثنا في باب الحَجر عن الذي يُحْجر عليه لمصلحة نفسه، وهم: المجنون والصغير والسفيه، أما هذا فهو يُحْجر عليه لمصلحة غيره، فقد أخذ حقوق الناس، وَكَان يجب أن يُوفِّيها، لكنَّه أصبح مدينًا حينئذٍ، والناسُ يختلفون في ذلك، بعض الناس تصيبه عسرةٌ دون تقصيرٍ منه، فهذا معذور؛ كما قال تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] وبعض الناس يأخذ حقوق الناس ولا يريد ردَّها، ولذلك أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنه: "مَنْ أخذ أموال الناس يريد أداءها، أدى الله عنه، ومَنْ أخذها يريد إتلافها، أتلفه الله -سبحانه وتعالى- " (٢)، فلماذا سُمِّي المفلسُ مفلسًا؟

ذَكَر العلَماء (٣) عدة أسباب استخلصوها من واقع المفلس، فبعضهم


(١) "التفليس" لغةً: النداء على المفلس وشهره بصفة الإفلاس المأخوذ من الفلوس التي هي أخس الأموال، يقال: أفلس أي: صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم ودنانير ويُسْتعمل مكان افتفر.
وشرعًا: جعل الحاكم المديون مفلسًا، يمنعه من التصرف في ماله. انظر: "طلبة الطلبة" للنسفي (ص ١٤١)، و"أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (٢/ ١٨٣).
(٢) أخرجه البخاري (٢٣٨٧).
(٣) قال ابن قدامة في "المغني" (٤/ ٣٠٦): "وإنما سمي هذا مفلسًا؛ لأنه لا مال له إلا الفلوس، وهي أدنى أنواع المال … ويجوز أن يكون سمي بذلك لما يئول إليه من =

<<  <  ج: ص:  >  >>