للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا: ولا يُعترض علينا؛ لأن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قام بالاثنتين ولم يجلس؛ لأنه سقط في هذه الحالة إلى بدل، فمثلًا التيمم يأتي بدل الوضوء إذا عدم الماء أو وجد ما يمنع من استعماله، سواء كان حائلًا يحول بين المرء وبين الوصول إليه أو مانعًا في بدنه يلحقه ضرر بسبب استعماله.

وهو كالحال بالنسبة لأحكام الحج، فواجبات الحج إنما عندما يخل المرء بها -ما عدا الأركان- فإنه يجبرها بدم، وكذلك ترك المصلي للتشهد الأول وللجلوس له إنما هو سقط إلى بدل لا لأنه سقط مطلقًا، أما السنن فإنها إذا تركت لا تحتاج إلى بدل (١).

وعلى أساس هذا القول لا شك أنه ينبغي للمسلم ألا يتساهل في أمر التشهد، لكن لو سها المرء فالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قد حصل منه ذلك وقد سجد للسهو.

ثانيًا: التشهد الأخير:

إن التشهد الأول يأتي في جميع الصلوات عدا صلاة الفجر فليس فيها إلا تشهد واحد، لكن التشهدان يأتيان في بقية الصلوات؛ الظهر والعصر والمغرب العشاء.

والتشهد الأخير انقسم العلماء فيه إلى قسمين:

الأول: أن التشهد الأخير والجلوس له واجب، وقد نُقل ذلك عن جمع من الصحابة (٢)، وهو قول أكثر الأئمة كالإمام الشافعي وأحمد (٣).


(١) انظر: "المغني"، لابن قدامة (١/ ٣٨٢)، وفيه قال: "وهذا الجلوس والتشهد فيه مشروعان بلا خلاف. . . فإن كانت الصلاة مغربًا أو رباعية، فهما واجبان فيها، على إحدى الروايتين. وهو مذهب الليث، وإسحاق. . . ولنا: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فعله، وداوم على فعله، وأمر به في حديث ابن عباس، فقال: "قولوا: التحيات للَّه. . . . " وسجد للسهو حين نسيه. وقد قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وإنما سقط بالسهو إلى بدل فأشبه جبرانات الحج تجبر بالدم، بخلاف السنن، ولأنه أحد التشهدين فكان واجبًا كالآخر".
(٢) انظر: "الدراري المضية"، للشوكاني (١/ ٨٣) وفيه قال: "والتشهد الأخير وإن لم يثبت ذكره في حديث المسيء فقد وردت به الأوامر وصرح الصحابة بافتراضه".
(٣) هو مذهب الشافعية والحنابلة والظاهرية، وهو مذهب الأحناف لكنهم يفرقون بين =

<<  <  ج: ص:  >  >>