للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَحْرِيمَ أَيْضًا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أن النَّهْيَ لا يَعُودُ بِفَسَادِ الْمَنْهِيِّ).

مراد المؤلف: هل النهي يدل على فساد المنهي عنه أوْ لا؟ هذه مسألة أصولية معروفة، لكن نحن نقول: الأدلة صريحة، وليس هناك ما يعارضها، وهذه كما حملها العلماء على أنه لا يجوز تخليل الخمر، أما أن تتخلل هي فنعم، وتخلُّلُها مجمعٌ عليه.

قوله: (وَالْقِيَاسُ الْمُعَارِضُ لِحَمْلِ الْخَلِّ عَلَى التَّحْرِيمِ، أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ مِنْ ضَرُورَةِ الشَّرْعِ أن الْأَحْكَامَ الْمُخْتَلِفَةَ إِنَّمَا هِيَ لِلذَّوَاتِ الْمُخْتَلِفَة، وَأَنَّ الْخَمْرَ غَيْرُ ذَاتِ الْخَلِّ، وَالْخَلُّ بِإِجْمَاعٍ حَلَالٌ، فَإِذَا انْتَقَلَتْ ذَاتُ الْخَمْرِ إلى ذَاتِ الْخَلِّ، وَجَبَ أن يَكُونَ حَلَالًا كَيْفَمَا انْتَقَلَ).

هذا التعليل ذِكرُه مناقشة عقلية، لكن هذه مردودة مع وجود النصوص، نعم كونها تتحول بإرادة الله فنعم كما قال عمر - رضي الله تعالى عنه، لكن كون الإنسان يعالجها ويضيف إليها مواد، ويُدخِل عليها أشياء فتصبح حلالًا؛ فهذا كما فعلت اليهود؛ لما حُرِّمَت عليهم شحوم الميتة؛ أذابوها وجملوها فباعوها، كذلك أيضًا هنا هذه حيلةٌ لإصلاحه، ولو كان هناك أحدٌ يستحق العطف والرأفة والحنان في ذلك؛ لكان الأيتام أولى، وقد أمر - عليه الصلاة والسلام - بإهراق خمرٍ لهم كما مر بنا في السطور السابقة.

قال المصنف - رحمه الله - تعالى:

([الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ] فِي اسْتِعْمَالِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي حَالِ الاضْطِرَارِ

وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْله تَعَالَى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩].

هذا مبحث مهم جدًّا، والمؤلف لم يستقصِ هذه المسألة، وقد وضع

<<  <  ج: ص:  >  >>