للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلماء قاعدة فقهية عامة تُعد من القواعد الأساسية وهي: "الضرر يُزال"، وهناك أيضًا قاعدة شبيهة بها: "المشقة تجلب التيسير"؛ وقاعدة: "الضرر يُزال" تفرَّع عنها أيضًا قواعد كلية؛ كقاعدة "الضرورات تبيح المحظورات"، ثم قُيِّدت مثل هذه القاعدة بقواعد أخرى؛ كـ "الضرورة تُقدَّر بقدرها".

فنجد أن الله سبحانه وتعالى قد بيَّن لنا الحلال والحرام، وحضَّنا على أن نطعم الحلال، وخوَّفنا من أن نأكل من الحرام؛ وكل ذلك رأفة ورحمة بنا منه - سبحانه وتعالى.

ونحن عندما ندخل في هذه المسألة نجد أن العلماء قد أجمعوا على أنه لا يجوز للمسلم أن يأكل من الميتة في حالة الاختيار؛ فحالة الاختيار غير الاضطرار؛ والاضطرار كأن تكون مضطرًّا لأنك لا تجد ما تسد به رمقك، ولأنك لو لم تأكل من هذه الميتة لذهبت روحك، أو تكون مكرهًا يوضع السيف على رقبتك؛ فهذا هو كلام العلماء على قضية الاختيار، لكن أن تكون شَبِعًا أو قريبًا من الشبع، أو لست مضطرًّا على أي حال من الأحوال؛ فلا يجوز لك.

وأجمعوا على أنه يجوز للإنسان أن يأكل من الميتة في حالة الاضطرار؛ لأن الله سبحانه وتعالى ذكر ذلك في مواضع كثيرة، يقول سبحانه: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٧٣)} [البقرة: ١٧٣]؛ وقيدها أيضًا بألا يكون باغيًا ولا عاديًا؛ أما أن يكون باغيًا على المسلمين معتديًا عليهم فلا، وهذه من الأدلة التي يستدل بها الذين قالوا: لا يجوز للمسافر سفر معصية أن يأكل من الميتة.

الآية الأخرى التي في سورة المائدة: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ … فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣)} [المائدة: ٣].

والثالثة في سورة الأنعام: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>