للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَا المُرَادُ بالمحيض الثَّانِي هنَا؟

(١) هَل المُرَادُ به مَكَان الحيض؛ فيَكُون المنع متعلِّقًا بمكان الحيض -ألا وهو الفرج- فيمنع الرجل من الاستمتاع بامرأته الحائض في موضع الدم وهو الفرج؟

(٢) أو أن المراد به أبعد من ذلك -وهو ما يتعلق بالأذى- فيكون ما في آخر الآية موافقًا لأولها؟

لا شكَّ أن المحيضَ يُطْلق ويراد به الحيض كما في أول الآية، ويطلقُ أيضًا وُيرَاد به مكان الحيض، ولذلك اختلف العلماء في هذه المسألة؟ فيُقَال: حَاضَت المرأة حيضًا ومحيضًا (١)، وعليه: فلو كان المراد بالمحيض الثاني في الآية: مكان الحيض (أي: الفرج)، فيُمْنَع الرَّجُلُ منه، فمَعْنى هذا: أنَّ له أن يستمتع بامرأته بما دون ذلك دون الإزار وفوقه، ولَوْ كَانَ المُرَادُ به الأذَى: فَذَلك محلُّ خِلَافٍ بين العلَماء، والمُؤلِّف -رَحِمَه اللهُ- لم يبحث هذه المسألة بحثًا دقيقًا عميقًا تفصيليًّا.

فنقول: من العلماء -وهم أصحاب القول الثاني- مَنْ قال: إن المراد بالمحيض هنا إنما هو مكان الحيض (٢)، قالوا: لأنه يُطْلق ويراد به المحل، فقد يذكر الحال، ويُرَاد به المحل (٣).

مثال: كأن تقول: المبيت، والمقيل، فالمبيت يطلق ويُرَاد به مكان البيات (٤)،


(١) حَاضَت المرأة حيضًا إذا سال دمها. انظر: "تاج العروس" للزبيدي (١٨/ ٣٠٨).
(٢) وهم الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ١٩٨) حيث قال: "والحادي عشر: الوطء في الفرج؛ لقوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢].
(٣) قيل: إنَ المحيضَ في هذه الآية المأتى من المرأة؛ لأنه موضع الحيض، فكأنه قال: اعتزلوا النساء في موضع الحيض، ولا تجامعوهن في ذلك المكان. انظر: "لسان العرب " لابن منظور (٧/ ١٤٢).
(٤) "المبيت ": الموضع الذي يبات فيه. انظر: "تاج العروس" للزبيدي (٣/ ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>