للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (كَمَا لَا تَدْخُلُ صَلَاةٌ عَلَى صَلَاةٍ، فَهَذِهِ هِيَ أَفْعَالُ المُحْرِمِ بِمَا هُوَ مُحْرِمٌ، وَهُوَ أَوَّلُ أَفْعَالِ الحَجِّ، وَأَمَّا الفِعْلُ الَّذِي بَعْدَ هَذَا، فَهُوَ الطَّوَافُ عِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ، فَلْنَقُلْ فِي الطَّوَافِ).

لَكن الأَوْلَى أن نقتدي برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلَوْ أنه أحرم بالحجِّ، أو أحرم بالحجِّ والعمرة، فالأَوْلَى في حقه أنه إذا وصل إلى مكَّة يفسخ الحج إلى عمرةٍ، فيطوف بالبيت العتيق، ويَسْعى بين الصفا والمروة، ويحلق أو يقصر؛ لأن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر أصحابَه بذلك (١)، ولو بقي على حجِّه، فَهَذا أمر جائز، وليس فيه شيءٌ، ولا يظن البعض أن الإنسان إذا حج مفردًا أو قارنًا أن حجَّه يلحقه نقصٌّ (٢).

[القَوْلُ فِي الطَّوَافِ بِالبَيْتِ]

قال المصنف رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: (وَالكَلَامُ فِي الطَّوَافِ، فِي صِفَتِهِ، وَشُرُوطِهِ، وَحُكْمِهِ فِي الوُجُوبِ أَوِ النَّدْبِ، وَفِي أَعْدَادِهِ القول في الصفة وَالجُمْهُورُ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ صِفَةَ كُلِّ طَوَافٍ؛ وَاجِبًا كَانَ أَوْ غَيْرَ وَاجِبٍ أَنْ يَبْتَدِئَ مِنَ الحَجَرِ الأَسْوَدِ) (٣).


(١) أخرجه البخاري (١٥٨٦)، ومسلم (١٢١٦)، عن جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما-: أنه حجَّ مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم ساق البدن معه، وقد أهلُّوا بالحج مفردًا، فقال لهم: "أحلُّوا من إحرامكم بطواف البيت، وبين الصَّفا والمروة، وقصِّروا، ثم أقيموا حلالًا حتى إذا كان يوم التروية فأهلُّوا بالحج، واجعلوا التي قدمتم بها متعة"، فقالوا: كيف نجعلها متعةً وقد سمَّينا الحج؟ فقال: "افعلوا ما أمرتكم، فلولا أنِّي سقت الهدي لفَعَلتُ مثل الذي أمرتكم، ولكن لا يحل مني حرام حتى يبلغ الهدي محله".
(٢) يُنظر: "الإقناع" لابن القطان (١/ ٢٥٣)، حيث قال: "وفي حديث أبي الأسود عن عروة عن عائشة، وحديث القاسم عنهما في إفراد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيه إفراد الحج، وإباحة التمتُّع والقران، ولا خلاف في ذلك، وهو جمع الحج مع العمرة، واختلفوا في الأفضل، وفيما كَانَ به رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- محرمًا في خاصَّته في حجة الوداع".
(٣) يُنظر: "الإقناع" لابن القطان (١/ ٢٧١)، حيث قال: "وجماعة الفقهاء بالحجاز، =

<<  <  ج: ص:  >  >>