للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكلٍّ من أرباب هذه الأقوال أدلتهم التي استدلوا بها:

أولاً: أدلة الجمهور:

وهم المانعون من المكث في المسجد، المجيزون للعبور والمرور، فقد استدلوا بهذه الأدلة:

*قوله سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: (وَلَا جُنُبًا إلًا عَابِرِى سَبِيلٍ) [النساء: ٤٣]، على أن الحنفية أيضًا استدلوا بهذه الآية، ولكنهم يختلفون في وجه الدلالة منها، وفي توجيه الآية، فنجد أن الجمهور الذين أشرنا إليهم (وهم المالكية والشافعية والحنابلة) استدلوا بقَوْل الله سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: (لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعلَمُواْ مَا تَقُلُونَ) المعطوف عليها (وَلَا جُنُبًا إلا عَابِرِى سَبِيلٍ)، ونُقِلَ عن الإمام الشافعي نفسه أنه قال: قال أهل العلم بالقرآن (أو مَنْ عنده علم بالقرآن): المراد مواضع الصلاة (١)، قالوا: وقد نُقِلَ هذا التفسير عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباسٍ - رضي الله عنه - (٢).

وَدَليل ذَلكَ: أنَّهم قالوا بوُجُود مُقدَّرٍ في هذه الآية: (لَا تَقرَبُواْ الصَّلَوةَ) [النساء: ٤٣]، وهذا المقدر يقتضيه الكلام؛ لأن الله سُبْحَانَهُ وتَعَالَى قال: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: ٤٣]، فالمنهي عنه قرب الصلاة {وَلَا جُنُبًا إلًا عَابِرِى سَبِيل} [النساء: ٤٣]، قالوا: والصلاة لا تُعبر، وإنما الذي يُعبر موضعها، فدل هذا على أن هناك مقدرًا، هذا المقدر هي المواضع.


(١) يُنظر: "الأم" للشافعي (١/ ٧١)، حَيْث قال: "قال بعض أهل العلم بالقرآن في قول الله عَزْ وَجَلَّ: {وَلَا جُنُبًا إلًا عَابِرِى سَبِيل}، قال: لا تقربوا مواضع الصلاة، وما أشبه ما قال بما قال؛ لأنه ليس في الصلاة عبور سبيل، إنَما عبور السبيل في موضعها، وهو المسجد".
(٢) يُنظر: "تفسير الماوردي" (١/ ٤٩٠)، حيث قال: "لا يقرب الجنب مواضع الصلاة من المساجد إلا مارًّا مجتازًا، وهذا قول ابن عباس في رواية الضحاك وابن يسار عنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>