وهكذا غيره من الأئمة، ومن بعدهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فكل من يريد الحق يسعى إلى البحث عنه في كتاب الله وفي سُنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يجوز لأي إنسانٍ كائنٍ من كان مهما بلغ من العلم، ومهما أتاه الله من الفطنة، ومن قوة الأسلوب والعبارة، فليس له أن يخترع رأيًا أو أن يقول بقول يخالف فيه كتاب الله - عز وجل - أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
هنا انتقل المؤلف - رحمه الله - إلى الأصدقة الفاسدة، ويعني بها المهور الفاسدة، وهي ما يُقدمه الزَّوجُ إلى الزوجة من مهر، وقد يطرأ عليه خلل، والأصل فيما يقدَّم أن يكون صحيحًا كالحال في البيع.
ولكن قد يكون المهر فاسدًا، والفسَاد علَى نَوْعَين:
- إمَّا أن يكون هذا المهر محرَّمًا عينًا، أي: هو في الأصل محرَّم، كما ذكر المؤلف أمثلة لذلك؛ كالخمر، والخنزير، والميتة، ويُلحق بذلك - أيضًا - الثمر التي لم يَبْدُ صلاحُها.
- أو يكون مجهولًا، أي: فيه جَهالة، والجهالة تؤثر في ذلك أيضًا؛ كما تؤثر في البيع كالغرر.
لكن أحكام البيع لا تنطبق تمامًا على أحكام النكاح في هذا الأمر؛ لأنَّ - كما مر معنا - من أمور النكاح فهي مبنية على المقاربة، وأما البيع فمُبادَلة مال بمال.
وأما ما يُدفع في المبيع من المال متقوّمًا مقدورًا على تسليمه، فهي حالة ينبغي أن تكون موجودةً في النِّكاح، أي: في المهر.
لكن الفرق بين النكاح والبيع: أنَّ في الصِّفات أو الخَلل؛ كوجود حُرمة، أو غرر، أو جهالة تؤثر في البيع وتفسده - سَرى على العوض، فيَسري ذلك على المُعوَّض، فيُرد الثمن.
لكن النكاح يختلف؛ لأنه ينعقد دون شرط المهر، وقد مر معنا أن