للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الشيء الثاني من المحظورات في الإحرام]

(الطيب) بعد أن فرغ المؤلف من الكلام عن المخيط دخل إلى الشيء الثاني من المتروكات وهو: (الطيب) بالنسبة للمحرِم.

ولقد ذكر المؤلف من المحظورات الأول (تغطية الرأس) والثاني (اللبس عمومًا) فاعتبر هذين المحظورين محظورًا وذكر بعدها (الطيب) على أنه المحظور الثاني، وجعل الطيب بعد اللباس؛ لأنه هو الذي ورد في الحديث؛ فكأن المؤلف سار على نسق الحديث؛ فالمحظور الثاني، وهو في الحقيقة الثالث.

المحظور الثالث للمحرم وهو: (الطيب)، والطيب: كلمة عامة وليس النهي متلبسًا به في كل المواضع؛ بل ساعة الإحرام أما بعد ذلك؛ فهو أمر حضَّ عليه الإسلام؛ إذ يقول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حبب إليّ من دنياكم النساء، والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة" (١)، فقرة عين الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- الصلاة، وهكذا ينبغي أن تكون الصلاة قرة عين كل مسلم؛ فإن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- "كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة" (٢)، وكان يقول: "أرحنا يا بلال بالأذان" (٣)؛ لأن الأذان بعده إقامة الصلاة، واللَّه تعالى يقول: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (٤٥)} [البقرة: ٤٦].

فالطيب محبَّب إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، إذ له رائحة طيبةٌ ترتاح إليها النفوس، وهو مما أباحه اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لأنه نوع من الطيبات،


(١) أخرجه النسائي في "السنن" (٣٩٧٤)، وحسنه الألباني في "مشكاة المصابيح" (٥٢٦١).
(٢) أخرجه أبو داود (١٣١٩)، عن حذيفة، قال: "كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا حزبه أمر، صلى". وحسنة الألباني في "صحيح أبي داود" (١١٩٢).
(٣) أخرجه أبو داود (٤٩٨٥)، عن سالم بن أبي الجعد، قال: قال رجل: قال مسعر: أراه من خزاعة: ليتني صليت فاسترحت، فكأنهم عابوا ذلك عليه، فقال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها". وصحَّحه الألباني في "مشكاة المصابيح" (١٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>