للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن السنة: قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "واللهُ في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " (١).

أما القياس: فلأن ذلك الإنسان لو تُرك دون أن يُلتقط لمات؛ ولذلك، فلو كان بحاجة إلى الطعام وجب دفعه إليه؛ لأنه مضطر إلى ذلك، فإذا لم يُعط أدَّى ذلك إلى هلاكه، كما أنه لو كان الإنسان في حالة غرق ووجد من يستطيع أن يخلصه من ذلك فيجب عليه إنقاذه.

إذًا، كما أنه يجب على الإنسان أن يُطعم المضطر، ويُخلص الغريق من غرقه إن استطاع؛ كذلك هنا يجب عليه أخذ اللقيط.

أما من حيث وجوب ذلك، فهل يكون وجوبًا عينيًّا أو كفائيًّا؛ فالصحيح أنه كفائيٌّ (٢)، لو قام به واحد سقط عن الباقين، ولو تركوه


(١) جزء من حديث أخرجه مسلم (٢٦٩٩).
(٢) وهو مذهب جمهور الفقهاء (المالكية والشافعية والحنابلة) خلافًا للحنفية الذين قالوا إنه مندوب.
مذهب الحنفية، يُنظر: "فتح القدير" للكمال ابن الهمام (٦/ ١١٠) حيث قال: "والالتقاط مندوب إليه؛ لما فيه من إحياء نفس مسلمة) إذا لم يغلب على الظن ضياعه (فإن غلب على ظنه ضياعه كان واجبًا) وقول الشافعي وباقي الأئمة الثلاثة فرض كفاية، إلا إذا خاف هلاكه ففرض عين يحتاج إلى دليل الوجوب قبل الخوف. نعم إذا غلب على الظن ضياعه أو هلاكه فكما قالوا، وهو المراد بالوجوب الذي ذكرناه لا الوجوب باصطلاحنا؛ لأن هذا الحكم وهو إلزام التقاطه إذا خيف هلاكه مجمع عليه ". وانظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٦/ ١٩٨).
ومذهب المالكية، يُنظر: "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير" (٤/ ١٢٤) حيث قال: " (قوله: ووجب لقط طفل) ظاهره ولو على امرأة وينبغي أن يقيد بما إذا لم يكن لها زوج وقت إرادتها الأخذ، أو أذن لها فيه وإلا فلا يجب عليها؛ لأن له منعها فإن أخذته بغير إذن الزوج كان له رده لمحل مأمون يمكن أخذه منه فإن لم يرده وكان لها مال أنفقت عليه منه، وإن أذن لها في أخذه فالنفقة عليه ولو كان لها مال؛ لأنه لما كان بإذنه صار كأنه الملتقط. (قوله: أي صغير) أي سواء كان ذكرًا، أو أنثى. (قوله: نبذ) فيه إشارة إلى اتحاد معنى اللقيط والمنبوذ كما عند الجوهري والمتقدمين … وقيل المنبوذ ما دام مطروحا، ولا يسمى لقيطًا إلا بعد أخذه وقيل: المنبوذ ما وجد بفور ولادته واللقيط بخلافه. (قوله: فالأولى أن يقول بمضيعة) أي:=

<<  <  ج: ص:  >  >>