للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هبة الثواب لا شفعة فيها عند أبي حنيفة والشافعي وأحمد أيضًا. ومعلوم أن الهبة نوعان:

- هبة يهبها الإنسان لأخيه لا يريد جزاءً في مقابلها؛ وإنما يقصد بها ثواب الله سبحانه وتعالى.

- هبة يقصد الإنسان مقابلًا لها، كما حصل ذلك مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

* قولُهُ: (أَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَلِأَنَّ الشُّفْعَةَ عِنْدَهُ فِي الْمَبِيعِ).

ولأحمد رواية أخرى فيها الشفعة.

* قولُهُ: (وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلِأَنَّ هِبَةَ الثَّوَابِ عِنْدَهُ بَاطِلَةٌ (١)، وَأَمَّا مَالِكٌ فَلَا خِلَافَ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَصْحَابِهِ فِي أَنَّ الشُّفْعَةَ فِيهَا وَاجِبَةٌ).

يرى الإمام الشافعي بطلان هبة الثواب، أما الإمام مالك وأصحابه -وكذلك الإمام أحمد- يرون وجوب الشفعة في هبة الثواب إذا طلبها صاحبها.

وهذه المسائل تبين دقة الفقهاء، وبذلك كل منهم غاية جهده في البحث والتنقيب، وفي فهم كتاب الله عزَّ وجلَّ، وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والتخريج عليها، والإلحاق، والبحث عن العلل، والربط بين المسائل؛ فهم بلا شك مجتهدون، يرجى لمن أصاب منهم أن له أجرين، ومن أخطأ له أجر واحد.

وأبو حنيفة يقصر الشفعة في المبيع؛ أما الأئمة الآخرون فيدخلون في الشفعة ما ينتقل بعوض.


(١) على قولين عند الشافعي دون المذهب في القديم، وقوله في الجديد، ينظر: "الحاوي" للماوردي (٧/ ٢٣٢، ٢٣٣) حيث قال: "والقول الثاني: إن الهبة بشرط الثواب باطلة، والشفعة فيها ساقطة؛ لأن تقدير العوض فيها يجعلها بيعًا، والبيع بلفظ الهبة باطل … وقال في الجديد: إن المكافأة على الهبة غير واجبة، فعلى هذا لا شفعة بها".

<<  <  ج: ص:  >  >>