للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يسأل الإنسان عن أمرٍ لم يقع؛ لأن هذا مخالف لهدي السلف -رضي الله عنهم- (١).

والرسول -صلى الله عليه وسلم- حذَّر من ذلك، ونهى مَنْ سأل عن أمر لم يُحَرَّم؛ فحُرِّم مِن أجل مسألته (٢).

فالعلماء وضعوا حدودًا وضوابطَ لمثل هذه الأمور؛ لأن الشريعة ليس لأحدٍ أن يتطاول عليها، ولا أن يتجاوزها؛ خاصةً إذا وُجِدَ أمر عن الله سُبْحانه وتعالى، وعن رَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم-.

قوله: (لَقِيلَ إِنَّ مَا يَنْتُنُ مِنْهَا وَيُسْتَقْذَرُ بِخِلَافِ مَا لَا يَنْتُنُ وَلَا يُسْتَقْذَرُ).

[فائدة]

كما سبق وقلنا: هناك مسائل تكلم عنها ابن تيمية وخالف فيها الأئمة؛ فلا نقول: إنه بهذا قد خرج عن الطريق، بل كثير من تلكم المسائل محررة، وتلتقي مع روح الشريعة، وَوُجِدَ في ذلك العصر مَنْ يؤيد، ولذلك نجد أنه عندما شُكلت لجنة في أواخر الدولة العثمانية لوضع مجلة "الأحكام العدلية"؛ اجتهدوا في مسائل، فلم يقتصر على مذهب أبي حنيفة، مع أنه كان المعمول به، بل انتقلوا إلى آخَر، وأخذوا


(١) يُنظر: "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (١/ ٢٤٥) حيث قال: "كان كثير من الصحابة والتابعين يكرهون السؤال عن الحوادث قبل وقوعها، ولا يجيبون عن ذلك … وكان زيد بن ثابت إذا سئل عن الشيء يقول: كان هذا؟ فإن قالوا: لا، قال: دعوه حتى يكون".
وقال أيضًا (١/ ٢٤٤): "فالذي يتعين على المسلم الاعتناء به والاهتمام أن يبحث عما جاء عن اللّه ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، ثم يجتهد في فَهْم ذلك، والوقوف على معانيه، ثم يشتغل بالتصديق بذلك إنْ كان من الأمور العلمية، وإن كان من الأمور العملية، بذل وسعه في الاجتهاد في فعل ما يستطيعه من الأوامر، واجتناب ما ينهى عنه".
(٢) معنى حديث أخرجه البخاري (٧٢٨٩) ومسلم (٢٣٥٨/ ١٣٣) عن سعد بن أبي وقاص، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنْ أعظمَ المسلمين جرمًا من سأل عن شيءٍ لم يحرم، فحُرّم من أجل مسألته".

<<  <  ج: ص:  >  >>