للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(البَابُ الثَّالِثُ: مِنَ الجُمْلة الثَّالِثَةِ)

قال المصنف رحمه اللَّه تعالى: (وَالكَلَامُ المُحِيطُ بِقَوَاعِدِ هَذَا البَابِ مُنْحَصِرٌ فِي أَرْبَعَةِ فُصُولٍ).

هذا الباب هو صلاة الجمعة؛ والجمعة شأنها عظيم، فاللَّه -سبحانه وتعالى- قد ذكر يوم الجمعة في كتابه الكريم، وهناك سورة في القرآن تعرف بسورة الجمعة، واللَّه تعالى يقول فيها: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩]، وكذلك نجد أنَّ الرَّسولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- بيَّنَ فضلَ هذا اليوم وما فيه من المزايا والخصائص الشيء الكثير؛ كقوله في الحديث الذي أخرجه مسلم في "صحيحه": "خيرُ يَوم طلعت عليه الشمسُ يوم الجمعة: فيه خُلِق آدمُ، وفيه أُدخل الجَنَّة، وفيه أُخرج منها، ولا تقوم الساعة إلَّا يوم الجُمعة" (١). وثبت -أيضًا- في الحديث الصحيح؛ أنَّ الرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "فيه ساعة لا يُوافقها عبد مُسلم، وهو قائمٌ يُصَلِّي، إلَّا أعطاه اللَّهُ تعالى مسألتَه" (٢). أي: حقق له سُؤله.

وقد اختلف العلماءُ في تحقيق وقتها على أحد عشر قولًا (٣).


(١) أخرجه مسلم (٨٥٤/ ١٨)، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.
(٢) أخرج البخاري (٩٣٥)، ومسلم (١٣/ ٨٥٢)، عن أبي هريرة: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكر يوم الجمعة، فقال: "فيه ساعة، لا يُوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي، يسأل اللَّه تعالى شيئًا، إلا أعطاه إيَّاه"، وأشار بيده يُقللها".
(٣) ذكر هذا ابن القيم، فقال: "والذين قالوا بتعيينها اختلفوا على أحد عشر قولًا". انظر: "زاد المعاد" (١/ ٣٧٦).
وذكر ابن بطال بعض هذه الأقوال، فقال: "اختلف السلف في هذه الساعة، فروي عن أبي هريرة قال: هي مِن بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وبعد صلاة العصر إلى غروب الشمس. وقال الحسن وأبو العالية: هي عند زوال الشمس، وقال =

<<  <  ج: ص:  >  >>