للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بكر وعمر وعثمان وعلي، وكذلك فعل الخلفاء من بعدهم، ولم يعرف أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا أصحابه كانوا يرسلون السعاة ليأخذوا الأموال النقدية، أو عروض التجارة من الناس، وإنما هذا أمر واجبٌ يتعين على المسلم أن يؤديه من تلقاء نفسه؛ لأن الزكاة ركن من أركان الإسلام، ولا يحق للمسلم أن يخفي هذا الركن.

* قوله: (وَقَدْ كَانَ أَبُو عُبَيْدٍ يَقُولُ: إِنَّهُ إِنْ كَانَ لَا يُعْلَمُ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا، لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ" (١)).

فائدةٌ:

أبو عبيد هو الإمام المعروف صاحب كتاب "الأموال"، وهو كتاب عظيم اشتمل على جملة من الأحاديث والآثار، يُرجَع إليه كثيرًا فيما يتعلق بأحكام الخراج والزكاة، وفي كثير من الأحكام التي تتعلق بالأموال.

هذه مسألة أُخرى أشار إليها المؤلف: اختلف العلماء (٢) إذا جاء


(١) الذي وقفت عليه من كلام أبي عبيد أنه أسقط الزكاة على من كان عليه دينًا يحيط بماله دون اعتبار علمه من عدمه؛ فقال في "الأموال" (ص ٦١٢): "إذا كان الدين صحيحًا قد علم أنه على رب الأرض، فإنه لا صدقة عليه فيها، ولكنها تسقط عنه لدينه، كما قال ابن عمر، وطاوس، وعطاء، ومكحول، ومع قولهم أيضًا: إنه موافق لاتباع السنة، ألا ترى أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما سن أن تؤخذ الصدقة من الأغنياء، فترد في الفقراء؟ وهذا الذي عليه دين يحيط بماله، ولا مال له، وهو من أهل الصدقة، فكيف تؤخذ منه الصدقة، وهو من أهلها؟ أم كيف يجوز أن يكون غنيًّا فقيرًا في حال واحدة؟ ومع هذا إنه من الغارمين -أحد الأصناف الثمانية- فقد استوجبها من جهتين".
(٢) يُنظر في مذهب الأحناف: "مجمع الأنهر"، لشيخي زاده (١/ ٢٠٩، ٢١٠)، وفيه قال: " (ويقبل قول من أنكر) من التجار الذين يمرون عليه (تمام الحول)، ولو حكمًا كما في المستفاد وسط الحول (أو الفراغ من الدين)؛ أي: أنكر فراغ الذمة من الدين المطالب من العبد. . . (أو ادعى الأداء بنفسه إلى الفقراء في المصر)؛ لأن الأدأء كان مفوضًا إليه فيه وولاية الأخذ بالمرور لدخوله تحت الحماية وإنما قال في المصر؛ لأنه لو ادعى الدفع إليهم بعد الخروج من المصر لا يقبل (في غير =

<<  <  ج: ص:  >  >>