للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الله، ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)} [المؤمنون: ١ - ٢].

وقد يحسِّنُ العبد عملَه القليل، ويمتاز على غيره، وقد تكون كثرة العمل مع حسنه ترفع الدرجات، لكن قد يكون القليل من العمل مع الإخلاص وصدق النية والصفاء والتوجه إلى الله سبحان وتعالى يرفع صاحبه أكثر.

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا، وَصِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: "هِيَ فِي النَّارِ"، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالأَثْوَارِ مِنَ الأَقِطِ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: "هِيَ فِي الجَنَّةِ" (١).

فالمرأة الأولى كان عملها كثيرًا ومع ذلك لم ينجها، والمرأة الأخرى كان عملها قليلًا، وربما كانت تقتصر على الواجبات منه كانت خيرًا منها، وأنجاها الله به.

قوله: " (فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى حَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيلَ) "، ويضاف إليهم أحمد (٢).

[استدلال الحنفية من الحديث]

وجهة دلالة الحنفية من حديث: "إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ" أنه يدلُّ على أن المسلمين أقلُّ من غيرهم؛ فلو قلنا: إن صلاة العصر تبدأُ من المثل إلى الغروب أو إلى حتى المثلين؛ لكان هذا الوقت أطول من وقت الزوال إلى المثل، وهذا يخالف ما أرشد إليه الرسول -صلى الله عليه وسلم-.


(١) أخرجه أحمد (٩٦٧٥) وغيره، وصححه الألباني في "الصحيحة" (١٩٠).
(٢) قدمنا ذكر مذاهبهم في المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>