الأول: أن حديث إمامة جبريل نصٌّ في: أن وقت الظهر يبدأ بالزوال، وينتهي عند المثل.
الثاني: أن قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الوَقْتَيْنِ" في حديث إمامة جبريل؛ لأنهم يقولون: إن وقت الظهر يبدأ بالزوال وينتهي بالمثلين؛ فلو قلنا: وقت العصر يبدأ بالمثلين لما انطبق هذا القول على مذهب الحنفية؛ لأن الوقت ما بين هذين الوقتين؛ كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا من الأدلة القوية التي يرد بها على الحنفية.
الثالث: أنه -صلى الله عليه وسلم- ذكر هنا صلاة العصر، ولم يذكر وقت العصر، وصلاة العصر -كأي صلاة- لا بد أن يتهيأ المسلم لها بالطهارة، وقد يصلي ركعتين؛ ثم ينتظر الأذان والإقامة، وكل هذا يسبق الصلاة، وتأخذ هذه الأعمال من هذا الوقتِ إلى حين يأتي وقت الصلاة.
الرابع: أنه ربما كان قصد الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن عمل اليهود والنصارى مجتمعًا كان أكثر من عمل المسلمين، ومع ذلك أعطوا قيراطًا قيراطًا، وهذا السبب من أكثر الأسباب التي يذكرها العلماء.
(١) قال النووي في "المجموع" (٣/ ٢٣): "وأوجز إمام الحرمين في "الأساليب" فقال: عمدتنا حديث جبريل ولا حجة للمخالف إلا حديث ساقه النبي -صلى الله عليه وسلم- مساق ضرب الأمثال، والأمثال مظنة التوسعات والمجاز، ثم التأويل متطرق إلى حديثهم ولا يتطرق إلى ما اعتمدناه تأويل، ولا مطمع في القياس من الجانبين هذا كلام الإمام وأجاب الأصحاب عن حديث ابن عمر بأربعة أجوبة، (أحدها): جواب إمام الحرمين المذكور، (الثاني): أن المراد بقولهم: أكثر عملًا أن مجموع عمل الفريقين أكثر، (والثالث): أن ما بعد صلاة العصر مع التأهب لها بالأذان والإقامة والطهارة وصلاة السنة أقل مما بين العصر ونصف النهار، (الرابع): حكاه الشيخ أبو حامد في تعليقه عن أبي سعيد الإصطخري، قال: كثرة العمل لا يلزم منها كثرة الزمان فقد يعمل الإنسان في زمن قصير أكثر مما يعمل غيره في زمن مثله أو أطول منه". وانظر: "الاستذكار" (١/ ٢٩) وما بعدها، "تحفة المحتاج" للهيتمي (١/ ٤١٨) وما بعدها، و"شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ١٤٠) وما بعدها.