للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(البَابُ الثَّانِي فِي أَصْنَافِ الزُّنَاةِ وَعُقُوبَاتِهِمْ)

هذَا البَاب عقَده المؤلف في بيان أصناف الزُّناة.

- قوله: (وَالزُّنَاةُ الَّذِينَ تَخْتَلِفُ العُقُوبَةُ بِاخْتِلَافِهِمْ أَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ: مُحْصَنُونَ ثُيِّبٌ، وَأَبْكَارٌ، وَأَحْرَارٌ، وَعَبِيدٌ وَذُكُورٌ وَإِنَاثٌ).

فالزناة ليسوا صنفًا واحدًا فهناك المحصن (١)، وهناك غير المحصن، وهناك الحر، وهناك العبد، وهكذا. أما الكفار فإذا حصل من أحدهم الزنا ورفعوا الأمر إلى المسلمين، فإنه يقام عليهم الحد، كما في قصة اليهوديين اللذيْن زنيا، فأقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليهما الحد (٢)؛ لقول الله تعالى: {وَأَنِ


(١) المحصن: هو حر مكلف مسلم وطئ بنكاح صحيح، انظر: "التعريفات" للجرجاني (ص: ٢٦٣).
(٢) أخرجه البخاري (٧٣٣٢)، واللفظ له، ومسلم (١٦٩٩)، عن ابن عمر "أن اليهود جاؤوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- برجل وامرأة زنيا، فأمر بهما فرُجما، قريبًا من حيث توضع الجنائز عند المسجد".
واختلف الفقهاء في الكافر إذا زنى ورفع حكمه إلى المسلمين، هل يحد أو لا؟
فقال مالك: "إذا زنا أهل الذمة أو شربوا الخمر فلا يعرض لهم الإمام إلا أن يظهروا ذلك في ديار المسلمين". يُنظر: "المدونة" (٤/ ٥٣٠) حيث قال: قلت: "أرأيت الذمي إذا زنى، أيقيم مالك عليه الحد أم لا؟ قال: لا يقيمه عليه وأهل دينه أعلم به. قلت: أرأيت إن أراد أهل الذمة أن يرجموه في الزنا، أيتركون وذلك؟ قال: قال لي مالك: يردون إلى أهل دينهم، فأرى أنهم يحكمون بما شاؤوا ولا يمنعون من ذلك ويتركون على دينهم".
وفرَّق الأحناف بين الذمي والمستأمن؛ فذهب أبو حنيفة ومحمد إلى أن المستأمن لا يُحد، وهو الذي عليه المذهب، وعند أبي يوسف في قوله الأخير يحد. أما الذمي فعندهم يقام عليه الحد.
يُنظر: "المبسوط"، للسرخسي (٩/ ٥٥، ٥٦)، حيث قال: "وإذا زنى الحربي =

<<  <  ج: ص:  >  >>