للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي استدلَّ بها جمهور العلماء هي أحاديث صحيحةٌ ثابتةٌ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ردُّ جمهور أهل العلم على دليل أبي حنيفة:

أن هذا الحديث الذي استدلَّ به أبو حنيفة إنما قد تكلَّمَ فيه العلماءُ وتأوَّلوه، بل قد اعتبروه ليس صريحًا، كما أنه انفرَدَ به راويه، وكذلك فإن هذا الحديث تتطرق إليه عدة احتمالاتٍ ذكرَهَا العلماء تفصيلًا، بخلاف حديث عبد الله بن عمر الذي له من كثرة الشواهد ما يقترب به على الوصول إلى حَدِّ التواتُرِ.

* قوله: (وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا دَاوُدَ خَرَّجَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَسْهَمَ لِرَجُلٍ وَفَرَسِهِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ: سَهْمَانِ لِلْفَرَسِ، وَسَهْمٌ لِرَاكِبِهِ" (١).

وهذا القول من المؤلِّف فيه نظرٌ لا شكَّ؛ لأنه قد يوهِمُ بأن أبا داود رحمه الله انفرَدَ بتخريج هذا الحديث، فالعبارة ليست بالسديدة، وإنما خَرَّجَ هذا الحديثَ البخاريُّ ومسلمٌ في صحيحيهما، ومعهما خرَّجَه أبو داود في "سُنَنِهِ"، وأحمدُ في "مُسنَدِهِ" (٢)، وغيرهم كثيرٌ (٣)، وإذا كان الحديث في "الصحيحين" فلا يجدُرُ حينئذٍ أن نقول: (خرجه أبو داود)، وإنما نذكُرُ أبا داود مع ذِكرِنَا للصحيحين، فكان ينبغي على المؤلِّفِ الإشارة إلى وجود الحديث في "الصحيحين"؛ لأن هذا إنما هو ميزةٌ للحديث وترجيحٌ له على غيره من الأدلة عند التعارُضِ.


(١) أخرجه أبو داود (٢٧٣٣)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وأخرجه البخاري (٢٨٦٣)، ومسلم (١٧٦٢) عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل للفرس سهمين ولصاحبه سهمًا".
(٢) أخرجه أحمد في "المسند" (٤٤٤٨).
(٣) أخرجه الترمذي (١٥٥٤)، وابن ماجه (٢٨٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>