للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن لا شكَّ في تحريم الغلول، وأن الله تعالى قد حذَّرَ منه وبيَّنَ خطورته، كما حذَّر منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث صحيحةٍ ثابتةٍ عنه، وأن الغالَّ بالرغم من أنه لا يقام عليه حَدُّ السرقة، إلا أنه لا خلاف بين العلماء في أنه يستحق العقوبة، ولكن الخلاف بينهم فيما إذا كان يعاقَبُ بحَرقِ رحلِهِ من باب العقوبة بالمثل لكي يكون هذا رادعًا له، أو أنه يُعزَّر.

وفي مسألة جواز العقوبة بالحَرْقِ قد ذَكَرْنَا حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أنه قد هَمَّ أن يحرق على المنافِقِين بيوتَهم، ومن المعلوم أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يَهُمُّ إلا بما يجوز له.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

(الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ الأَنْفَالِ (١))

كنا قد ذكرنا الفيء وقول الله سبحانه وتعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: ٧]، وكذلك تكلمنا عن الغنيمة وقوله سبحانه وتعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: ٤١]، وهاهنا سيتكلم المؤلِّف عن الأنفال التي ذَكَرَها الله سبحانه وتعالى في مَطلَع سورةٍ كريمةٍ سُمِّيَت بهذا الاسم، فقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١)} [الأنفال: ١].

و"الأنفال" هي الغنيمة نفسها، وهي التي جاء إجماع العلماء على


(١) "النفل": الغنم، والجمع الأنفال، ونفلتك: أعطيتك نفلًا". انظر: "مجمل اللغة" لابن فارس (ص ٨٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>