للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما حكم من اغتصب دارًا وصلَّى فيها؟

بعض العلماء يقولون: الصلاة صحيحةٌ، وأن الجهة منفكةٌ، لأن الصلاة واجبةٌ على المسلم، فهو عندما أداها بهذا المكان أدَّى ما وجب عليه، وفي نفس الوقت وعندما صلى في أرضٍ مغصوبةٍ أو ثوبٍ مغصوب أو ثوب حريرٍ، فإنما كان معتديًا فيأثم على ذلك ويجازى عليه، هذا هو رأي الأئمة الثلاثة أبو حنيفة (١) ومالك (٢) والشافعي (٣)، وأما الحنابلة (٤) فيرون أنه لا يجوز الصلاة في الدار المغصوبة ولا في الثوب المغصوب.

ولا شك أنَّ الظاهر هو قول جمهور العلماء في هذه المسألة وأشباهها، وهذا هو الذي يشير إليه المؤلف، فهو يريد أن يفصل بين الجهتين، هناك نهيٌ فهل النهي يقتضي فساد المنهيِّ عنه؟

المغتصب منهيٌّ أن يغتصب الأرض، ومنهيٌّ أن يغتصب الثوب، لكنه سرق، لكننا نقول: هذه صلاةٌ أداها، وهذه سرقةٌ فحلها ولعاقب عليها.


(١) ينظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٢/ ١٤٩) حيث قال: "والقبح المجاور لا يعدم المشروعية أصلًا كالصلاة في الأرض المغصوبة والبيع وقت النداء".
(٢) ينظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (١/ ٢٢٤) حيث قال: "لأنَّ النهي عن الصلاة في الأوقات المذكورة لا لذات الوقت ولا لمعنى في ذات العبادة يمنع من انعقاده بل لمعنًى خارجٌ عن الذات فلا يمنع الانعقاد كالصلاة في الأرض المغصوبة".
(٣) ينظر: "تحفة المحتاج" لابن حجر الهيتمي (٢/ ٤٨٥) حيث قال: "الآن النهي لمعنى خارج إلخ) أي فلم يمنع الصحة كالصلاة في الدار المغصوبة".
(٤) ينظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ٥٢) حيث قال: "تصح الطهارة أيضًا (في مكان مغصوبٍ) بخلاف الصلاة؛ لأن الإناء والمكان ليس شرطًا للطهارة فيعود النهي إلى خارجٍ، أشبه ما لو صلى وفي يده خاتم ذهبٍ، وأيضًا أفعال الصلاة من القيام والقعود والركوع والسجود في الدار المغصوبة فتحرم".

<<  <  ج: ص:  >  >>