للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(كِتَابُ الحِرَابَةِ)

" الحرابة ": الحد الخامس من الحدود، والحرابة من المحاربة، وهي المضادَّة والمخالفة، والمحاربون هُمُ الذين يُعيقون سيرَ المسلمين فيؤذونهم، إما بسلب أموالهم، أو بالاعتداء على أرواحهم أو إخافتهم (١)، ولذا فقد شرع الله حدًّا عظيمًا يوافق شدة جرمهم، قال سبحانه: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٣٣)} [المائدة: ٣٣].

وقَدْ أقَام النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - هذا الحدَّ على العُرَنيين الذين نقضوا العهد وحاربوا الله ورسوله، فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - المَدِينَةَ، فَاجْتَوَوْهَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " إِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَخْرُجُوا إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَتَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا "، فَفَعَلُوا، فَصَحُّوا، ثُمَّ مَالُوا عَلَى الرِّعَاءِ، فَقَتَلُوهُمْ وَارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلَامِ، وَسَاقُوا ذَوْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَبَعَثَ فِي أثَرِهِمْ، فَأَتِيَ بِهِمْ، فَقَطَعَ


(١) يُنظر: " الذخيرة " للقرافي (١٢/ ١٢٣) حيث قال: " المشتهر بالسلاح لقصد السلب محارب كان في مصر أو قفر له شوكة أم لا، ذكرًا أو أنثى، ولا تتعين آلة مخصوصة حبل أو حجر أو خنق باليد أو بالفم، وغير ذَلكَ، وَهو محارب وَإِنْ لم يقتل، وكل مَنْ قطع الطريق وأخاف السبيل فهو محارب، أَوْ حمل السلاح بغير عدوة ولا فائدة ".

<<  <  ج: ص:  >  >>