للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهم مخصوصون من شهداء المعركة بجواز الصلاة عليهم، كما أن المحرم مخصوص من عُمومِ الأموات بعدم ستر الوجه والتحنيط والتطييب.

وبسبب هذا الفعل من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقع خلافٌ بين العلماء: يُصلى على الشهداء الذين يُقتلون في المعركة، أو لا؟

وقد جاء في حديثٍ تعليل ذلك، أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى عليهم يودِّعُهم؛ لأنه علم بدنُوِّ أجله، فكأنما يودع الشهداء.

(وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْجَمْعِ لَا مَذْهَبَ الِاسْتِثْنَاءِ وَالتَّخْصِيصِ قَالَ: حَدِيثُ الأَعْرَابِيِّ خَاصٌّ بِهِ لَا يُعَدَّى إِلَى غَيْرِهِ).

الظاهر أنه لا وجه لتخصيصه بذلك الميت، ولا دليل على تخصيصه به؛ فالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قاله بمشهدٍ من الصحابة، ومع ذلك لم يبيِّن -عليه الصلاة والسلام- أن هذه خصيصة لذلك الرجل دون غيره، والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- مبيِّنٌ عن اللَّه، فهو الذي يُبلِّغُ أمَّتَه الأحكامَ ويبيِّنُها لهم -عليه الصلاة والسلام-، واللَّه -تعالى- يقول له: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤].

والقاعدة الأصولية: (إن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز)، فلو كان ذلك خاصًا لبَيَّنَه الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لكنه لما أطلق دُونما تخصيص؛ دلَّ ذلك على أنه يَعُمْ كل من ماتَ مُحْرِمًا.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ الْمَشْيِ مَعَ الْجَنَازَةِ]

قد مر معنا أن الميت من وقت أن يموت فإن له حقوقًا ينبغي أن تؤدى إليه، بل حتى قبل موته، في حال مرضه ونحوه، فإنه تنبغي زيارته وعيادته، والتخفيف عنه، وإيكال أمره إلى من يَرْفُقُ به ويرؤف به ويخفف

<<  <  ج: ص:  >  >>