للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى "تقويم"، أي: بعد بيان قيمَتِها، وبعد معرفة السّهام؛ لأنَّه ربما تكون السهام متعادلة ومتساوية، فلو أن هناك أرضًا أربعة آلاف متر ولو قُسِّمت بين أربعة لكان كلُّ جزء منها أو كل سهم ألفًا، وبالنسبة لموقعها متساوية لا تختلف قيمها، ومع ذلك يُقرَع تطييبًا للنفوس وإراحة للخواطر؛ لأن الإنسان لو أعطي دون رغبة منه فربما تتأثر نفسه، لكن عندما يقرع بينهم فما يقع نصيبه عليه يأخذه فحينئذ ترتاح نفسه، والقرعة معروفة ومعتبرة في شريعتنا وفيمن قبلنا من الشرائع (١)، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقرع كما سيأتي في قصة الذي أعتق عبيده، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد سفرًا أقرعَ بين نسائِه (٢)، فالقرعة معتبرة، وهناك قيمة وسهام، لكن المؤلف أجمل كلامه في الموضوع.

* قولُهُ: (٢ - وَقِسْمَةُ مُرَاضَاةٍ بَعْدَ تَقْوِيمٍ وَتَعْدِيلٍ).

وقد تكون قسمة مراضاة لكن بعد تقويمٍ وتعديل، كأن يتَّفقَ اثنان على قسمة أرضٍ بينهم ويتراضيَان دون خلَاف لكن بعد أن يُعدل في الأرض، فلو أن أرضًا تنقسم إلى قسمين متساويين ووجدنا في أحد الشطرين بئرًا تساوي قيمتُه نصفَ قيمة الأرض، وربما يوجد بئر وأشجار، وربما تكون متعادلة القيمة، وهذه لا إشكال فيها، لكن قد تكون إحدى الجهتين فيها معادلة، وربما لا تكون فيها مزايا داخلية لكن الموقع يختلف فقد تكون هذه على شارع عام فيكون سعرها أعلى وهذه أقل، وحينئذ يعدل فتكون هذه أكبر من هذه، وكلام العلماء في قضية القرعة عما الذي يُرمى هل هي بطاقة أو رقعة من قماش أو ورقة أو خاتم؟ وبحمد الله تطوَّر علمُ الهندسة وعلمُ المساحات وتطورت الأجهزة وأصبحت هذه


(١) من ذلك ما أخرجه الطبري في تفسيره (١٩/ ٦٢٥) في قولُهُ تعالى: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (١٤١)}، قال: "فاحتبست السفينة، فعلم القوم أنما احتبست من حدث أحدثوه، فتساهموا، فقرع يونس، فرمى بنفسه، فالتقمه الحوت ".
(٢) أخرجِ البخاري (٢٥٩٣)، ومسلم (٢٧٧٠) عن عائشة قالت: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ … ".

<<  <  ج: ص:  >  >>