للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الرُّكْنُ الْأَوَّلُ: فِي مَحِلِّ الْمُسَاقَاةِ

وَاخْتَلَفُوا فِي مَحِلِّ الْمُسَاقَاةِ؛ فَقَالَ دَاوُدُ: لَا يمُونُ الْمُسَاقَاةُ إِلَّا فِي النَّخِيلِ فَقَطْ).

المراد بالمحل الشيء الذي تكون فيه، أفي الشجر المثمر؟ أو في النخل وحده؟ أو في النخيل والكرم الذي هو العنب، لوجود تشابه بينهما في أمور كثيرة؟ أو أنها لا تجوز أصلًا كما في مذهب الحنفية؟

اختلف العلماء في المحل على ثلاثة مذاهب؛ وهي:

الأول: مذهب أهل الظاهر (١)، وهو قصر الأمر على النخيل، بدعوى أن أهل خيبر لم يكن في مزارعهم إلا النخيل.

ويرد ذلك بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عبد الله بن عمر المتفق عليه عامل أهل خيبر على شطر ما يخرج منها من زرع أو ثمر (٢)، فعمم ذلك، وهذا يرد به على أهل الظاهر.

الثاني: مذهب الشافعية في المشهور عنهم (٣): وهو إضافة الكرم إلى النخيل، وحجتهم في ذلك وجود تشابه كبير بين العنب وبين الرطب، أو


(١) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٨/ ٢٢٩) قال: "المعاملة فيها سنة، وهي أن يدفع المرء أشجاره؛ أي شجر كان من نخل، أو عنب، أو تين، أو ياسمين، أو موز، أو غير ذلك، لا تحاش شيئًا مما يقوم على ساق".
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٥/ ٢٤٦، ٢٤٧) قال: "وموردها النخل ولو ذكورًا كما اقتضاه إطلاقه … وقد ينازع فيه بأنه ليس في معنى المنصوص عليه، وبأنه بناه على اختياره للقديم الآتي، والعنب للنص في النخل، وألحق به العنب … ولم يعبر بالكرم بدل العنب لورود النهي عن تسميته به، والأصح تفضيل الرطب على العنب … وجوزها القديم في سائر الأشجار المثمرة؛ كتين وتفاح لوروده في الخبر من ثمر أو زرع ولعموم الحاجة … والجديد المنع؛ لأنها رخصة فتختص بموردها، وعليه تمتنع في المقل … وتصح على أشجار مثمرة تبغا للنخل والعنب إذا كانت بينهما، وإن كثرت، وإن قيدها الماوردي بالقليلة".

<<  <  ج: ص:  >  >>