للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين التمر والزبيب، فقالوا: هذا تأخذ زكاته، وهذا تأخذ زكاته، والرسول - صلى الله عليه وسلم - أرسل من يخرص التمر، والرطب، ويخرص العنب أيضًا، وكلاهما يدخر ويقتات ويجفف، فوجود أنواع متعددة من الشبه بينهما هو الجامع بينهما في الحكم.

الثالث: مذهب الإمامين مالك (١) وأحمد (٢) وأكثر العلماء (٣) -: وهو أن المساقاة تجوز في كل شجر له ثمرة تخرج، ولا شك أن هذا هو الأقرب للأحاديث.

ومعلوم أن أهل الظاهر يقفون دائمًا عند ظواهر النصوص، ولا يأخذون بالقياس لأنهم يقولون: إن القياس مبناه على العقل، وأحكام الدين لا تصدر عن العقل، وعلى بن أبي طالب - رضي الله عنه - يقول: "لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه" (٤)؛ لأن أسفل الخف


(١) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٣/ ٥٣٩) قال: "إنما تصح مساقاة شجر … فهي مصب الحصر فلا ينافي ما يأتي له من أنها تكون في الزرع والمقثأة ونحوهما، وإن بعلًا، وهو ما يشرب بعروقه من نداوة الأرض ولا يحتاج لسقي؛ لأن احتياجه للعمل يقوم مقام السقي، ذي ثمر أي بلغ حد الإثمار بأن كان يثمر في عامه، سواء كان موجودًا وقت العقد أم لا … لم يحل بيعه عند العقد أي لم يبد صلاحه إن كان موجودًا فإن بدا صلاحه، وهو في كل شيء بحسبه لم تصح مساقاته لاستغنائه، ولم يخلف … أي شجر ذي ثمر وشجر لم يخلف، فإن كان يخلف لم تصح مساقاته".
(٢) يُنظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (٣/ ٥٥٤) قال: "المساقاة … دفع أرض وشجر مغروس، معلوم للمالك والعامل برؤية أو صفة لهما … بعلًا وهو الذي يشرب بعروقه، أو سقيًا وهو الذي يحتاج إلى سقي … له ثمر مأكول لمن يعمل عليه أي على الشجر ويقوم بمصلحته".
(٣) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (١١/ ١١٠) قال: "قال أبو ثور: والمساقاة في النخل جائزة، وكذلك الشجر، والكرم، وكل شيء له أصل قائم بما يقام عليه، ويسقى، ويكسح، ويلقح".
(٤) أخرجه أبو داود (١٦٢) وغيره، عن عليٍّ - رضي الله عنه -، قال: "لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على ظاهر خفيه". وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>