للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: أنهم يتوارثون، وبه قال الشافعي (١) وأبو حنيفة (٢) وأبو ثور والثوري (٣) وداود (٤) وأحمد في رواية (٥).

[واستدل أصحاب هذا القول بما يلي]

أولًا: قول الله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦) ولم يقل: "أديانكم"، فدلَّ على أنهم ملة واحدة.

ثانيًا: قول الله تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}، ولم يقل: "مللهم" فاعتبرهم مع تنوعهم واختلافهم ملة واحدة.

ثالثًا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم" (٦)، فدل بدليل الخطاب (٧) - أي: مفهوم المخالفة - أن المسلم يرث المسلم والكافر يرث الكافر.


(١) يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٤/ ٤٤، ٤٥) قال: " (ويرث الكافر الكافر) على حكم الإسلام (وإن اختلفت ملتهما) كيهودي من نصراني، ونصراني من مجوسي، ومجوسي من وثني وبالعكوس؛ لأن جميع ملل الكفر في البطلان كالملة الواحدة".
(٢) يُنظر: "الدر المختار" للحصكفى وحاشية ابن عابدين "رد المحتار" (٦/ ٧٦٧) قال: " (قوله: إسلامًا وكفرًا) قيد به؛ لأن الكفار يتوارثون فيما بينهم وإن اختلفت مللهم عندنا؛ لأن الكفر كله ملة واحدة".
(٣) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (٧/ ٤٧٤) قال: "وكذلك أهل الشرك يرث بعضهم بعضًا، يرث اليهودي النصراني، والنصراني المجوسي، هذا قول … وسفيان الثوري … وأبو ثور".
(٤) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٣٧٠) قال: "وقال الشافعي … وداود … : الكفار كلهم يتوارثون، والكافر يرث الكافر على أي كفر كان؛ لأن الكفر كله عندهم ملة واحدة".
(٥) يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (٧/ ٣٥٠) قال: "قوله: (ويرث أهل الذمة بعضهم بعضا، إن اتفقت أديانهم. وهم ثلاث ملل: اليهودية، والنصرانية، ودين سائرهم). هذا إحدى الروايات، قال الزركشي: هذا قول القاضي، وعامة الأصحاب. وجزم به في الوجيز". وانظر: "المغني" لابن قدامة (٦/ ٣٦٨).
(٦) تقدم تخريجه.
(٧) قال الغزالي: "ومعناه الاستدلال بتخصيص الشيء بالذكر على نفي الحكم عما عداه، =

<<  <  ج: ص:  >  >>