للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأُثِرَ عن الشافعية أنهم قالوا: إن السحر خيال (١)، واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: ٦٦]، والصحيح قول الجمهور.

حكم تعلُّم السحر:

ذَهَب جمهورُ العلماء (مالكٌ (٢) وأحمد (٣) وغيرهما (٤) إلى أن تعلُّمَ السحر وتعليمة كفرٌ، إذ لا يترتب عليه إلا الشر؛ كالتفريق بين الزوجين، وربما أدَّى إلى مرض المسحور أو قتله.

قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ:


= يوم، أو ذات ليلة، دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم دعا، ثم دعا، ثم قال: " يا عائشة، أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه؟ جاءني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي - أو الذي عند رجلي للذي عند رأسي - ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب. قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم. قال: في، أي: شيءٍ؟ قال: في مشطٍ ومشاطةٍ. قال: وجف طلعة ذكر. قال: فأين هو؟ قال: في بئر ذي أروان ". قالت: فأتاها رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في أناسٍ من أصحابه، ثم قال: " يا عائشة، والله لكأن ماءها نقاعة الحناء، ولكأن نخلها رؤوس الشياطين "، قالت: فقلت: يا رسول الله، أفلا أحرقته؟ قال: " لا، أما أنا فقد عَافَاني الله، وكرهتُ أن أُثِيرَ على الناس شرًّا، فأمرت بها فدفنت ".
(١) المنقول عن الشافعي أن له حقيقةً، ينظر: " الحاوي الكبير " للماوردي (٥/ ٣٩٤) حيث قال: " في حقيقة السحر، فقد اختلف الناس فيها، فالَّذي عليه الفقهاء، والشافعي وأبو حنيفة ومالك وكثير من المتكلمين أن له حقيقةً وتأثيرًا، وذهب معتزلة المتكلمين والمغربي من أهل الظاهر، وأبو جعفر الإستراباذي من أصحاب الشافعي إلى أن لا حقيقة للسحر، ولا تأثير، وإنما هو تخييل وتمويه ".
(٢) يُنظر: " شرح مختصر خليل " للخرشي (٨/ ٦٣) حيث قال: " والمشهور أن تَعلُّمَ السحر كفرٌ، وإن لم يعمل به ".
(٣) يُنظر: " المغني " لابن قدامة (٩/ ٢٩) حيث قال: " قال أصحابنا: ولكفر الساحر بتعلُّمه وفعله، سواء اعتقد تحريمه أو إباحته ".
(٤) مثل ابن حزم، يُنظر: " المحلى " (١١/ ٣٩٦) حيث قال: " فتعليم السحر كفر ".

<<  <  ج: ص:  >  >>