للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابن سيرين يقول: أليس الله قد علم ما في نفسه (١) يعني: لو نوى الطلاق.

نعم الله يعلم السر وأخفى فهو سبحانه يعلم ما كان وما لم يكن أن لو كان كيف سيكون.

لكن الحق فيما ذهب إليه جمهور العلماء (٢) من المحدثين والفقهاء أنَّ الإنسان إذا نوى الطلاق بقلبه لا يقع، ما لم يتمعه باللفظ؛ لأن هذا فيه مشقةٌ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لن يشادَّ الدين أحدٌ إلا غلبه" (٣) ويقول: "يسروا ولا تعسروا"" (٤) ويقول: "إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين" (٥).

[الرسول - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا بأشياء وقعت]

أليس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أرشدنا لأمور كثيرة قبل أربعة عشر قرنًا ونجد أنها وقعت تترى (٦)، فهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى، فكم من العلامات ومن الدلالات التي قال عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من ذلك مما أشار إليه الرسول: خروجُ بعض الفرق وقد خرجت كفلقِ الصبح (٧)، ومنها ما سيحدث من علامات الساعة ومن الفتن ما أخبر عنها


(١) يُنظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (٥/ ٢٥٤) حيث قال: "وقال ابن سيرين في رجلٍ طلَّق امرأته في نفسه: أليس قد علمه الله؟ ".
(٢) سيأتي.
(٣) أخرجه البخاري (٣٩).
(٤) أخرجه البخاري (٦٩)، ومسلمٌ (١٧٣٢).
(٥) أخرجه البخاري (٢٢٠).
(٦) أي: متتابعة. يقال: جاء القومُ تَتْرَى وتَتْرًى: أي واحدًا خلفَ واحدٍ يتبع بعضهم بعضًا، وأصله: وَتْرَى من الوَتْر وهو: الفرد. انظر: "المخصص"، لابن سيده (٤/ ٤٧٨).
(٧) ومن ذلك على سبيل المثال إخباره - صلى الله عليه وسلم - بخروج الخوارج كما أخرج البخاري (٦٩٣١) ومسلم (١٠٦٤) قال - صلى الله عليه وسلم -: "يخرج في هذه الأمة - ولم يقل: منها - قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، فيقرؤون القرآن، لا يجاوز حلوقهم - أو حناجرهم - يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية".

<<  <  ج: ص:  >  >>