للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمَنْ قَالَ: (أكثره أربعون يومًا): اعتبر ما بعد ذلك استحاضةً.

قوله: (المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: اخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ -قَدِيمًا وَحَدِيثًا- هَلِ الدَّمُ الَّذِي تَرَى الحَامِلُ هُوَ حَيْضٌ، أَمِ اسْتِحَاضَةٌ؟).

المؤلف رَحِمَهُ اللهُ يذكر هنا مسألة حيض الحَامِل:

فقَدْ سَبَق أنْ ذكَرنا في المقدمات التمهيدية لهذا الكتاب أن المرأة إذا حَمَلتْ، تَحوَّل دمُ حَيْضها السابق إلى غذاءٍ لجَنِينِها، فإذا وَلدتْ تحوَّل إلى لبنٍ لإرضاعِهِ، فَعَلَى هذا: هل لو رأت الحامل دمًا أثناء حملها، يعتبر دم حيض؟ أو دم فساد؟ فأكثر الفقهاء يَرَون أن الحاملَ لا تحيض.

وأما الأئمة الأربعة (١)، فانقسموا في ذلك إلى قسمين:

فالمالكية والشافعية: يرون أن الحامل تحيض.

والحنفية والحنابلة: يرون أنها لا تحيض.

ولكلٍّ وجهة، وأدلة يتمسك بها.

والأدلة -وَإِنْ لم تكن من حيث التنصيص أدلة صريحة على المُدَّعَى - لكنَّها أيضًا لها مفهومٌ يتمسك بها أهل القول الثاني، والآخرون يردون ذلك القول.

[أدلة المالكية والشافعية]

مما استدل به مَنْ ذهب إلى أن الحامل تحيض:

الدليل الأول:

قالوا: هي ترى دمًا، تنطبق عليه أوصاف دم الحيض، فدم الحيض معروف؛ وصفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقَوْله: "فإنه دم أسود يعرف" (٢)،


(١) سيأتي ذكر أقوال كلِّ مذهبٍ قريبًا.
(٢) أخرجه أبو دود (٣٠٤)، والنسائي (٢١٥)، عن فاطمة بنت أبي حبيشٍ أنها كانت تستحاض، فَقَال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان دم الحيض، فإنه دم أسود يعرف، فإذا كان=

<<  <  ج: ص:  >  >>