الأمور ميسورة جدًّا وما أصبحت محلَّ إشكال لكن يبقى ما يتعلق بالقيمة والمساحة، فإن كان هناك تراضٍ فله شأن، فالأمر الأول: قسمة ليس فيها تراضٍ، الثاني: قسمة فيها تراضٍ وتحتاج إلى تعديل.
فلو قسم أحدهما الأرض إلى قسمين وقال للآخر: اختر ما تشاء فيختار، فيقسمها، أو يأتيان بشخص بينهما من أهل الخبرة فيقسمها، فيقول أحدهما للآخر مخيَرًا له عن طيب نفس: اختر ما تشاء، وربما يرد عليه ذاك فيقول: بل اختر أنت ما تشاء وهذا نوع من الإيثار، فالقسمة قد تكون بتراض دون تعديل وقد يكون فيها تعديل، وهذا التعديل قد يكون بالسهام وقد يكون بالقيمة، ولا شك أن المعتبر في الأصل إنما هو القيمة، لكن عندما تكون أنصبة السهام متساوية والقيمة ليس فيها إشكال فالعبرة بالمساحة، وعندما تكون السهام متفقة والقيمة مختلفة فالعبرة بالقيمة، وعندما تكون القيمة متفقة والسهام مختلفة كما لو اشترك ثلاثة في أربعة أحدهما له النصف، والثاني له الثلث، والثالث له السدس، فنحن هنا نعتد بصاحب الأقلّ، وصاحب السهم الأقل هو السدس وحينئذ تكون أسهمها من ستة، ويبدأ بعد ذلك بالسهام فتُوضَع علامة للقرعة فإذا جاءت علامة صاحب السدس أخذ نصيبَه، ثُمَّ بعد ذلك تُوضع الأخرى فإن تبيَّن أنها لصاحب النصف أخذ السهم الثاني والثالث والرابع، ثم يأخذ ذاك الخامس والسادس، وهكذا.
ولا شكَّ أنَّ الكيل والوزن معتبر؛ فكما هو معلوم في السلم (١): "مَن
(١) وهو: أن يعطى مالًا في سلعة إلى أجل معلوم بزيادة في السعر الموجود عند السلف، وذلك منفعة للمسلف. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (٢/ ٣٩٠).