للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسلفَ في شيءٍ فلْيُسلِف في كيلٍ معلوم ووزنٍ معلوم إلى أجلٍ معلومٍ" (١)، ولا شكَّ أنَّ الكيل ميزان دقيق، وكذلك أيضًا الميزان، أمَّا الخرص (٢) فسيأتي تفصيله فيما يتعلق بالثمار وهذا يختلف باختلاف القسمة هل هي بيع أو إفراز؟ لأننا إذا قلنا: إنها بيع فلا يجوز الخرص، وإن قلنا: إنها إفراز جاز الخرصُ في الثمار؛ لأن البيع إنما يدخله الربا، أما الإفراز فهو نصيبان حق هذا في حوزة وهذا في حوزة.

وبعض العلماء (٣) يرى أن القسمة إفرازٌ ويذكر عدَّة أسباب لذلك، فيقول: لأن من مظاهرها الإجبارَ والبيع لا يقومِ على الإجبار، إنما البيعُ عن تراضٍ قال تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩]، وهذه فيها إجبار، أما القسمة ففيها الشفعة والبيع ليس فيه شفعة، وهناك أسباب كثيرة ذكرها العلماء في التفريق بين البيعِ والإفرازِ، فبعضهم قال: هي إفرازٌ، وبعضهم قال: هي بيع (٤).


(١) أخرجه البخاري (٢٢٤٠)، ومسلم (١٦٠٤).
(٢) "الخَرْصُ "، هو: حَزْرُ ما على النَّخل من الرُّطَب تمرًا. وقد خَرَصْتُ النخل. والاسم الخِرْصُ، بالكسر. انظر: "الصحاح"، للجوهري (٣/ ١٠٣٥).
(٣) والذين ذهبوا إلى أن القسمة إفراز: مذهب الحنابلة. قال البهوتي: "وهذا النوع، -أي: قسمة الإجبار- إفراز حق أحد الشريكين من حق الآخر". انظر: "شرح منتهى الإرادات" (٣/ ٥٤٨، ٥٤٩).
وهو أحد أقوال في مذهب الشافعية. قال الماوردي: "اختلف قول الشافعي في القسمة على قولين، أحدهما: أنها بيع. والثاني: أنها إفراز حق وتمييز نصيب" انظر: "الحاوي الكبير" (٥/ ١٢٦).
ومذهب الحنفية: الإفراز هو الظاهر في المكيلات والموزونات لعدم التفاوت. انظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي "، للمرغيناني (٤/ ٣٢٥).
ومذهب المالكية: يشترط تساوي الأعيان والصفات. انظر: "اختلاف الأئمة العلماء"، لابن هبيرة (٢/ ٤٥٤).
(٤) انظر المسألة في: "اختلاف الأئمة العلماء"، لابن هبيرة (٢/ ٤٠٤)، وفيه: "قال أصحاب أبي حنيفة: القسمة تكون بمعنى البيع وتكون بمعنى الإفراز؛ فالموضع الذي تكون فيه بمعنى الإفراز هو فيما لا يتفاوت كالمكيلات والموزونات والمعدودات التي لا تتفاوت كالجوز والبيض فهي في هذه إفراز وتمييز حق حتى يجوز لكلِّ واحد=

<<  <  ج: ص:  >  >>