للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقياسًا على التشهد الأخير نقول بأنه واجب، إذْ لا فرق بين هذا التشهد وبين التشهد الأول.

يُعترض على هؤلاء بأن يقال: كون الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قام منه ولم يعد، فلو كان واجبًا لما تركه، ولكنه جبر ذلك بسجود السهو، فاعتُبر بدلًا، ونحن نجد في محظورات الإحرام في الحج يترك الإنسان محظورات الحج، وبعض المحظورات يجبرها بدم؛ لأنه ليس عامدًا.

ولا شك أن هذه من المسائل التي لا ينبغي للمسلم أن يتركها، وقد رأينا أنَّ هناك مَن يوجب هذه الجلسة ويرى أن الصلاة لا تصح مِن المتعمد تركها.

* فائدة:

النسيان (١) أحد الأسباب التي اعتبرتها الشريعة الإسلامية في التخفيف، فقد ذكَر العُلمَاء أسباب التخفيف، والتي منها: السفر، والمرض، والاستكراه، والقصور، والنسيان، قال اللَّه تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦].

وفي الحديث: "إن اللَّه وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه" (٢).

كما أن النسيان طبيعة البشر، بل قد حصل النسيان للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، في حديث ذي اليدين، حيث سلَّم من اثنتين، ولما سُئل: أقصرت الصلاة؟ قال: "ما قصرت وما نسيت" (٣)، ثمِ سأل الصحابة، فأخبروه، فعاد وأتم الصلاة، فبما أنه قد نَسِي فمَن دونه أَوْلَى.


(١) النسيان بكسر النون: خلاف الذكر والحفظ. انظر: "الصحاح" للجوهري (٦/ ٢٥٠٨).
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢٠٤٥) وغيره، عن ابن عباس وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (١٨٣٦).
(٣) أخرجه البخاري (١٢٢٩)، ومسلم (٥٧٣) عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، قال: صلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إحدى صلاتي العشي -قال محمد: وأكثر ظني العصر- ركعتين، ثم سلم، ثم قام =

<<  <  ج: ص:  >  >>