للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طالب (١) -رضي اللَّه عنه-، وجاء أيضًا عن طريق عائشة (٢) وعن غيرهما، وهو حديث: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصغير حتى يبلغ"؛ فذكر من الثلاثة الصغير حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق.

قالوا: فإيجاب الزكاة عليهما خلاف ما أخبر به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- أخبر بأن القلم قد رفع عنهما، وإيجاب الزكاة إنما هي وضع للقلم عليهما، وذلك خلاف ما أخبر به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

- الدليل الثالث: من المعقول: قالوا: إن الزكاة عبادة محضة، وما دامت عبادةً محضةً، فلا ينبغي أن يطالب بها صغير ولا مجنون؛ لأنهما غير مكلفين، فكيف يطالبان بعبادة محضة.

كذلك قاسوا الزكاة على الحج، فقالوا: الزكاة فيها عبادة مالية، والحج عبادة تجمع بين العبادة البدنية والمالية، ولا يجب الحج على صغير ولا على مجنون (٣)، فكذلك الزكاة.

[أجوبة الجمهور على الأدلة السابقة]

- الرد على الدليل الأول: أما الاستدلال بقول اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: ١٠٣]. قالوا: ليس التطهير شرطًا، وإنما هذا غالب، فلا يلزم أن يكون التطهير واردًا في كل من زكَّى، وإن كان أيضًا واردًا بالنسبة للمجنون والصغير؛ لأن أموالهم كغيرهما تحتاج


(١) أخرجه أبو داود (٤٤٠٣) عن علي عليه السلام، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل".
(٢) أخرجه أبو داود (٤٣٩٨) عن عائشة -رضي اللَّه عنها- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المبتلى حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يكبر". وصححه الألباني في "إوراء الغليل" (٢٩٧).
(٣) سيأتي الكلام على شرائط وجوب الحج عند قول المصنف: "معرفة وجوب الحج وشروطه".

<<  <  ج: ص:  >  >>